و الراحة، و أكثر من ذلك وضوحا ما يقدمه الى الضيف أو الصديق أو القريب من المآكل و المشارب، فلا يعدّ ذلك من العارية للانتفاع به في أنظار أهل العرف. و انما هو اباحة له بغير عوض.
نعم، قد يحتاج الضيف أو الصديق في دار الرجل إلى ابدال بعض الملابس أو الأحذية و نحو ذلك، فإذا دفع صاحب الدار اليه ذلك لينتفع به كان من العارية عرفا و ان دفعه اليه بقصد التكريم.
(المسألة الثانية):
العارية عقد من العقود بين المعير صاحب المال و المستعير، فلا بدّ فيها من الإيجاب و القبول كسائر العقود، و يكفي في الإيجاب أن ينشأ بأي لفظ يدل على المعنى الذي بيّناه دلالة ظاهرة يفهمها أهل اللّسان، و من أمثلة ذلك: أن يقول المالك لصاحبه: أعرتك داري هذه لتسكنها أيام إقامتك في البلد، أو يقول له:
أحمل إلى بيتك هذه المبرّدة أو هذه الثلاجة لتنتفع بها في أيام الصّيف من هذا العام أو يقول له: خذ هذا الكتاب لتقرأه أو هذا الثوب لتلبسه، أو يقول له: انتفع بهذه الأمة لتقوم بخدمتك أيام إقامتك هنا.
و يكفي في القبول كذلك اي لفظ يكون دالا على الرضا بأخذ العين المعارة و الانتفاع بمنافعها، فيقول المستعير للموجب بعد إيجابه: قبلت أو رضيت، أو يقول له: أشكر لك هذا التفضّل، و يكفي فيه أن بأخذ العين المعارة بقصد إنشاء الرضا بالعارية، و يصح إنشاء الإيجاب و القبول كليهما بالمعاطاة من الجانبين فيدفع المالك الى صاحبه الثوب أو الكتاب أو المتاع بقصد إنشاء العارية، و يأخذه القابل منه، و يستعمله في حوائجه بقصد القبول و إنشاء الرضا بها.