و قد اشترط بعض الأكابر من العلماء في استحقاق العامل للعوض المسمّى في الجعالة أن يكون إتيانه بالعمل لأجل تحصيل العوض، و من أجل اشتراطه لذلك اعتبر فيه أن يكون عالما بإيقاع الجعالة ليقصد تحصيل العوض بعمله و إطلاقات الأدلة و النصوص تدفع هذا القول و تنفي هذا الشرط، فإذا أتى العامل بالعمل و وافق غرض الجاعل استحق العوض المسمّى إذا لم يكن متبرعا بفعله.
(المسألة 19):
تختلف الجعالة باختلاف الملاحظات التي يلاحظها الجاعل للعمل المقصود الذي التزم بدفع العوض عنه، و هي تختلف كذلك باختلاف الأعمال التي يطلبها من العامل في وفائها بالغرض المطلوب، فبعض الأعمال يكون وفاؤها بالغرض بإتمام العمل نفسه، فإذا قال الجاعل للرجل: إذا تزوجت بفاطمة دفعت إليك نصف صداقها، أو قال للطبيب: إذا عالجت زيدا فأبرأته من مرضه دفعت إليك مبلغ كذا، يكون المدار على إتمام العمل نفسه، فإذا أتمه العامل فتزوج بفاطمة في المثال الأول و ابرأ المريض من مرضه في المثال الثاني استحق العوض.
و إذا قال للكاتب: ان كتبت لي هذا الكتاب فلك عندي عشرون دينارا، أو قال للخياط: إذا خطت لي هذا الثوب فلك على عشرة دنانير، اتبع ظهور كلمة الجعالة فإن علم أو ظهر من الصيغة و لو بسبب القرينة الحافة بالقول ان الأمر المجعول عليه هو أن يتم العامل العمل و يسلّمه كان المدار عليه، فإذا أتم العمل و سلّمه لصاحبه استحق العوض، و ان لم يعلم و لم يظهر منها اعتبار التسليم كان المدار على إتمام العمل وحده، فإذا أتم العمل استحق العوض و ان لم يسلّمه، و لعل الظاهر ان العمل حين يكون متعلقا بعين مملوكة يكون دالا على اعتبار التسليم للعين بعد إتمام