البراري و المفازات إلى الأماكن القريبة و البعيدة، ثم يتطور أمرها مع مرور الزمان و تتسع الجواد و تسهل و تعبد.
و من الأسباب التي يكون بها الموضع شارعا ان يملك الإنسان أرضا مستطيلة بالإحياء أو بغيره، فيجعلها وقفا على أن تكون شارعا مسبلا تسلكه عامة الناس، فإذا وقفه على ذلك و سلكه بعض الناس أصبح شارعا عاما موقوفا، و لم يجز لواقفه الرجوع فيه كسائر الأوقاف الثابتة شرعا إلا إذا طرأ ما يزيل الوقف أو يسوغ البيع و ليس لورثته تغيير ذلك بعد موته.
و من الأسباب لجعل الشارع العام أن يتفق جماعة من الناس فيعمروا أرضا مواتا، و يجعلوها قرية أو بلدا ليسكنوها أو يؤجروها مثلا، و يحيوا فيها طريقا عاما تشرع اليه أبواب المنازل من الجانبين أو يحيوا فيها أكثر من شارع واحد إذا كانت القرية واسعة كبيرة، فإذا سكن الناس القرية أو البلد أصبحت الطرق و الشوارع المذكورة حقا عاما لهم و جرت عليها الأحكام المتقدمة، و لذلك إذا قام رجل واحد مقتدر بمثل ذلك فأحيى القرية و عمر الطرق فيها، و أباح للناس القرية أو أجر عليهم منازلها فسكنها الناس و سلكوا الشوارع.
(المسألة 86):
إذا قسمت الدولة أرضا ميتة قطعا لتكون دورا و منازل يسكنها المواطنون و عينت موضعا أو أكثر من الأرض لتكون شوارع في المحلة، فإذا سلك الناس في الموضع المعين و كثر التردد و الاستطراق فيه أصبح الموضع شارعا عاما، و ترتبت عليه أحكامه.