الشخص بقصد إنشاء الوديعة عنده، و يتسلم المؤتمن المال المدفوع اليه بقصد إنشاء الرضا بها، و يجوز أن ينشأ الإيجاب بالقول و يقع القبول بالفعل، فيقول صاحب المال في إيجابه: أو دعتك هذا الشيء لتحفظه، و يأخذ المؤتمن الشيء منه و يضعه في صندوقه بقصد القبول، و يصح أن يقدم القبول على الإيجاب فيقول الأمين لصاحب المال: ادفع لي هذا المال احفظه لك و يقول المالك بعده: أودعتك المال.
و يكفي أيضا في صحة الوديعة و ترتب أحكامها أن يحصل الإيجاب و القبول في عقدها بالكتابة الدالة عليهما، و بالإشارة المفهمة للمعنى المراد عند أهل العرف.
(المسألة الثالثة):
الوديعة عقد من العقود كما قلنا فلا بد فيها من القبول من الشخص المؤتمن أو من وكيله، و لا تتحقق الوديعة بدونه، فإذا وضع المالك ماله قريبا من الرجل، أو على طاولته أو على بساطه مثلا بقصد استيداع المال عنده، أو قال له: هذا وديعة عندك، و لم يقبل الرجل منه الإيجاب، لم يتم عقد الوديعة فلا تلزم الرجل أحكامها، فلا يجب عليه حفظ المال، و لا ضمان عليه إذا تلف ما لم يضع يده عليه سواء مكث في مكانه عند المال، أم ذهب عنه و تركه في موضعه، و لم يقبل العقد و لم يقبض المال، و سواء بقي مالك المال في الموضع بعد أن وضع المال أم تركه و انصرف لحاله، و أولى من هذا الفرض بعدم تحقق الوديعة ما إذا ترك المالك ماله قريبا من الرجل أو على طاولته و لم يقصد بذلك استيداع المال عند الشخص.
و لا يكفى سكوت الشخص في تحقق قبول الوديعة من المالك، فإذا قال