و الجواب عن الأصل ظاهر بعد ما ذكرناه لك من الأخبار. و كذلك عن الرواية؛ لضعفها سندا الخالي عن الجابر، فلا تقاوم الأخبار المذكورة المنجبرة بالشهرة العظيمة، بل الإجماع في الحقيقة؛ نظرا إلى عدم صراحة كلام المخالف في المخالفة؛ حيث إنّ القدماء كان من ديدنهم التعبير بعبائر الأخبار، و هذا لا يدلّ على فتواهم بظواهرها مطلقا، فتأمّل.
و قد يجاب عن الرواية بوجوه أخر:
منها: أنّه لا دلالة فيها على مصاحبة الخاتم حين الاستنجاء، بل غاية ما تدلّ عليه أنّه كان من فعلهما هذان الأمران، و أمّا أنّهما كانا في زمان واحد فلا دلالة فيها عليه.
و الحاصل: أنّ قوله: «و يستنجي» عطف على قوله: «و كان في يساره» بالواو، و قد حقّق في محلّه: أنّ العطف بها لا يفيد إلّا مطلق الجمع من دون دلالة على مصاحبة و لا مفارقة.
و فيه: أنّ مثل هذا لا يدفع ظهور الرواية في المدّعى، على أنّ بعض النسخ خال عن لفظة «الواو» فيكون جملة «يستنجي» حاليّة، فيدلّ على الاتّحاد في الزمان، كما هو من شرط الحاليّة على ما قرّر في محلّه، فليتأمّل.
و منها: أنّ الرواية لا تنافي الكراهة؛ إذ غاية ما تدلّ عليه الجواز، و المعصوم ربما يفعل المكروه إرشادا إلى جوازه.
و فيه نظر؛ إذ قوله: «و كان في يساره» إلى آخره، ظاهره الاستمرار و المواظبة، و المعصوم لا يواظب على فعل المكروه، فتأمّل.
و منها: أنّ الرواية محمولة على التقيّة.
قال المجلسي ; على ما حكي عنه: «و يؤيّده أنّهم كانوا يتختّمون باليمنى إلّا في التقيّة، و ذكروا أنّه من علامات المؤمنين» [2]. انتهى.
و لعلّ هذا أظهر الوجوه، فليتأمّل.
[1] تهذيب الأحكام، ج 1، ص 31، ح 83؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 332، أبواب أحكام الخلوة، الباب 17، ح 8.