و منه يظهر اختصاص الحكم بما لو كانت الشجرة ذات ثمرة بالفعل، فلو كانت من شأنها أن تثمر و لم تكن أثمرت بعد، أو كانت قد أثمرت في وقت ما و لكن لم تكن حال الحدث مثمرة و لا مستعدّة للثمرة، فلا كراهة؛ للأصل، و اختصاص الأخبار بما كانت مثمرة بالفعل؛ لاشتمال بعضها على قوله: «أو تحت شجرة فيها ثمرتها» [2] و بعضها على قوله: «و كره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت، أو نخلة قد أينعت» [3]. انتهى- و الينع- بتقديم الياء-:
النضج- و بعضها على التعليل: بحضور الملائكة إذا كان على الشجر حمله [4]، أي ثمرته.
و تأويل هذه الألفاظ إلى غير حقيقتها بعيد لا دليل عليه أصلا.
و من هنا يظهر ضعف ما قيل من تعميم الحكم إلى ما من شأنه أن يكون مثمرا و إن لم يكن كذلك بالفعل.
و ربما يستدلّ له ببعض ما تقدّم من الأخبار المشتملة على النهي عن التغوّط تحت الشجرة المثمرة؛ نظرا إلى إطلاق هذه اللفظة على ما من شأنه أن يكون كذلك أيضا.
و فيه: أنّ هذا الإطلاق مجاز لا يصار إليه إلّا بالدليل و ليس، بل هو على خلافه محقّق، و هو ما أشرنا إليه.
سلّمنا، و لكن المطلق يجب حمله على المقيّد، و هو الأخبار التي أشرنا إليها حيث خصّت الحكم بالمثمرة بالفعل.
و منه يظهر أيضا ضعف ما قيل من بناء المسألة على الخلاف المذكور في الأصول في أنّه هل يشترط في صدق المشتقّ بقاء معنى المشتقّ منه فيه، أم لا؟ فإن قيل بالأوّل، كان الحكم مختصّا بالمثمرة بالفعل، و إن قيل بالثاني، يجري في المقام أيضا؛ إذ هذا الخلاف إنّما يجري لو لم يكن دليل على الخلاف، و أمّا معه- كما في المقام؛ حيث دلّت الأخبار المذكورة على
[1] الفقيه، ج 1، ص 21- 22، ح 63 و 64؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 327، أبواب أحكام الخلوة، الباب 15، ح 8.