المسلّم جريان البراءة فيها عندنا و عنده، و تسليمه أيضا لانتزاعيّة المانعيّة و أخواتها عن التكليف [1]، و وضوح ترتّب الصحّة الظاهريّة على الأصول الجارية عند الشكّ في القيود [2]، فلا محصّل لهذه المقالة أصلا، اللّهم إلّا أن يرجع مرامه إلى ما تقدّم من منع الصغرى [3] جريا منه فيما أراده بالوضع على غير ما استقرّ عليه الاصطلاح، و هو- و إن اتّضح فساده ممّا تقدّم- لكنّه يرجع حينئذ إلى محصّل [4]، و يعود النزاع علميّا.
نعم على القول بتأصّل المانعيّة و أخواتها في الجعل يشكل التمسّك بهذا الأصل في محلّ البحث، فإنّ الشبهة و إن كانت
[1] فيكون المجعول في الحقيقة من سنخ التكليف الذي يسلّم القائل جريان أصالتي البراءة و الحلّ فيه.
[2] إذ ليست الصحّة الواقعيّة و لا الظاهريّة مجعولة بالأصالة- وضعا- و لا منتزعة عن المجعول الشرعي، و إنما هي صفة لفعل المكلّف باعتبار مطابقته للمأمور به الواقعي أو الظاهري. إذن فالصحّة الظاهرية تتحقّق بمطابقة الفعل للأصول الجارية في أجزائه و قيوده لدى الشك فيها لشبهة حكمية أو مصداقية، فهي مترتّبة على الأصول المزبورة و من لوازمها، و ليست بنفسها موضوعا لجريانها كي يقال: إنّ حديث أصل البراءة و الحلّ أجنبيّ عن موارد الشك فيها.
[3] بأن يريد بالوضع قيدية العنوان العدمي البسيط، و لعلّه باعتبار مشابهته بالأحكام الوضعية التي تتسبّب من أسبابها الخاصّة و تتحصّل منها.