و امّا الوجه الثاني: و هو وجوب تقليد الاعلم، من باب كون المورد من قبيل الدّوران بين التعيين و التخيير، و لزوم الأخذ بالمعيّن بحكم العقل.
ففيه انّه بعد فرض تسلّم كون الواجب، في دوران الأمر بين التعيين و التخيير الأخذ بالمعيّن،
نقول أن تمّ الوجه الثّالث فلا حاجة إلى هذا الوجه لانّه يحكم العقل، بالرّجوع الى الاعلم معيّنا
و ان لم يتم الوجه الثّالث و كان حكم العقل التّخيير بين الرّجوع بالاعلم و غيره، لا يكون الدّوران بين التعين و التخيير، فأيضا لا يفيد الوجه الثّاني شيئا، فالعمدة في المقام، هو هذا الوجه، اعنى:
الوجه الثالث: و هو انّه إذا دار الأمر بين العالم و الاعلم و الفاضل و الافضل، يحكم العقل، بالرّجوع إلى الاعلم معيّنا في صورة العلم باختلافهما في الفتوى، كما يكون هذا حكمه في نظائره، مثلا أبتلى زيد بمرض، يقول الطّبيب العالم بلزوم العمليّة لرفع مرضه و نجاته عن الموت و يقول الأعلم منه بضرر العمليّة له و عدم الفائدة فيها، بل يموت بسببها، فهل يحكم العقل بالتّخيير بينهما، او يحكم بالرّجوع الى الاعلم.
لا اشكال في انّه يحكم بالثّاني فهذا هو حكم العقل و مقتضاه، وجوب تقليد الاعلم، في صورة العلم باختلاف فتواهما، فتلخّص وجوب تقليد الاعلم في هذه الصّورة.
و امّا الكلام في المورد الثّالث: و هو صورة عدم العلم باختلاف فتوى الاعلم، مع غير الاعلم،
فهل يجب تقليد الاعلم، كالصّورة السابقة، او لا يجب ذلك، بل يكون مخيّرا بين تقليد، ايّهما شاء، فنقول بعونه تعالى.