وكان الوزير الكريم أبو محمد عبد الرحمن بن مالك المعافري أحد وزراء الأندلس كثير الصنائع جزل المواهب عظيم المكارم ، على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة ، لم ير بعده مثله في رجال الأندلس ، ذاكرا للفقه والحديث ، بارعا في الآداب ، شاعرا مجيدا ، وكاتبا بليغا ، كثير الخدم والأهل ، ومن آثاره الحمّام بجوفيّ الجامع الأعظم من غرناطة ، وزاد في سقف الجامع من صحنه وعوّض أرجل قسيّه أعمدة الرخام ، وجلب الرءوس والموائد من قرطبة ، وفرش صحنه بكدان الصخر [٣]. ووجّهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنائها ، فلمّا حلّها سأل قاضيها فكتب له جملة من أهلها ممّن ضعفت حاله وقلّ تصرّفه من ذوي البيوتات ، فاستعملهم أمناء ، ووسّع أرزاقهم ، حتى كمل له ما أراد من عمله ، ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله ، فصدر عنها وقد أنعش خلقا ، رضي الله تعالى عنه ورحمه!.
ومن شعره في مجلس أطربه سماعه ، وبسطه احتشاد الأنس فيه واجتماعه ، فقال[٤]:[الخفيف]