responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 47

وأمثال هذا كثير ، وإنما جئت بحصاة من ثبير [١].

وأمّا كرم النّفس وشمائل الرياسة فأنا أحكي لك حكاية تتعجّب منها ، وهي ممّا جرى في عصرنا ، وذلك أن أبا بكر بن زهر نشأت بينه وبين الحافظ أبي بكر بن الجد عداوة مفرطة للاشتراك في العلم والرياسة وكثرة المال والبلدية ، فأجرى ابن زهر يوما ذكره في جماعة من أصحابه ، وقال : لقد آذانا هذا الرجل أشدّ أذيّة ، ولم يقصر في القول عند أمير المؤمنين وعند خواصّ الناس وعوامّهم ، فقال له أحد عوامّهم : إني أذكر لك عليه عقدا فيه مخاصمة في موضع ممّا يعزّ عليه من مواضعه ، ومتى خاصمته في ذلك بلغت منه في النكاية أشدّ مبلغ ، فخرج ابن زهر ، وأظهر الغضب الشديد ، والإنكار لذلك ، وقال لوكيله : أمثلي يجازى على العداوة بما يجازى به السفل والأوباش؟ وإني أجعل ابن الجد في حل من موضع الخصام ، وأمر بأن يحمل له العقد ، ثم قال : وإني والله ما أروم بذلك أن أصالحه [٢] ، فإنّ عداوته من حسد ، وأنا أسأل الله تعالى أن يديمها ؛ لأنها مقترنة بدوام نعم الله عليّ.

وإن تعرضت إلى ذكر البلاد ، وتفسير محاسنها ، وما خصّها الله تعالى به ممّا حرمه [٣] على غيرها ، فاسمع ما يميت الحسود كمدا :

أما إشبيلية فمن محاسنها اعتدال الهواء ، وحسن المباني ، وتزيين الخارج والداخل ، وتمكن التمصّر ، حتى أنّ العامّة تقول : لو طلب لبن الطير في إشبيلية وجد ، ونهرها الأعظم الذي يصعد المدّ فيه اثنين وسبعين ميلا ثم يحسر ، وفيه يقول ابن سفر : [الكامل]

شقّ النسيم عليه جيب قميصه

فانساب من شطّيه يطلب ثاره

فتضاحكت ورق الحمام بدوحها

هزأ فضمّ من الحياء إزاره [٤]

وزيادته على الأنهار كون ضفّتيه مطرّزتين [٥] بالمنازه والبساتين والكروم والأنسام [٦] متّصل ذلك اتّصالا لا يوجد على غيره.

وأخبرني شخص من الأكياس دخل مصر وقد سألته عن نيلها أنه لا تتّصل بشطّيه البساتين


[١] ثبير ، بفتح الثاء : اسم جبل ، أراد أنه أتى بقليل من كثير.

[٢] في ه : «ما أروم بذلك أصالحه».

[٣] في ب : «حرّمها على غيرها».

[٤] في ب : «هزءا فضمّ ...» تسكين الثاني المتحرك ، وهو جواز في الوزن.

[٥] في ه : «مطرزة بالمنارة».

[٦] الأنسام : جمع نسيم على غير قياس. وفي ب «الأنشام» : والأنشام : أشجار تتخذ منها القسي.

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست