responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 46

فما أقبح ما وقع «ثعبان» وما أضعف ما جاء «دائم الدهر» ولقد أنشدت أحد ظرفاء الأندلس هذا البيت ، فقال : لا ينكر هذا على مثل الجراوي ، فسبحان من جعل روحه ونسبه وشعره [١] تتناسب في الثقالة.

وإن أردت الافتخار بالفرسان ، والتفاضل بالشجعان ، فمن كان قبلنا منهم في مدة المنصور بن أبي عامر ومدة ملوك الطوائف أخبارهم مشهورة ، وآثارهم مذكورة ، وكفاك من أبطال عصرنا ما سمعت عن الأمير أبي عبد الله بن مردنيش وأنه كان يدفع في مواكب النصارى ويشقّها يمينا ويسارا منشدا [٢] : [الوافر]

أكرّ على الكتيبة لا أبالي

أحتفي كان فيها أم سواها

حتى أنه دفع يوما في موكب من النصارى فصرع وقتل ، وظهر منه ما أعجبت به نفسه ، فقال لشيخ من خواصّه ، عالم بأمور الحرب مشهور بها : كيف رأيت؟ فقال له : لو رآك السلطان زاد فيما لك في بيت المال ، وأعلى مرتبتك ، أمن يكون رأس جيش يقدم هذا الإقدام ، ويتعرّض بهلاك نفسه إلى هلاكهم [٣] ، فقال له : دعني فإني لا أموت مرتين ، وإذا متّ أنا فلا عاش من بعدي.

والقائد أبو عبد الله بن قادوس [٤] الذي اشتهر من شجاعته ومواقعه في النصارى وحسن بلائه ما صيّر النصارى من رعبه والإقرار بفضله في هذا الشأن أن يقول أحدهم لفرسه إذا سقاه فلم يقبل على الماء : مالك؟ أرأيت ابن قادوس في الماء ، وهذه مرتبة عظيمة : [الكامل]

والفضل ما شهدت به الأعداء

ولقد أخبرني من أثق به أنه خرج من عسكر في كتيبة مجرّدة برسم الغارة على بلاد النصارى ، فوقع في جمع كبير منهم ، فجهد جهده في الخلاص منهم والرجوع إلى العسكر ، فجعل يقاتل مع أصحابه في حالة الفرار إلى أن كبا بأحد جنده فرسه ، وفرّ عنه ، فناداه مستغيثا ، فقال : اصبر ، ثم نظر إلى فارس من النصارى قد طرق [٥] فقال : اجر إلى هذا النصراني ، فخذ فرسه ، وركض نحوه ، فأسقطه ، وقال لصاحبه : اركب ، فركب ونجا معه سالما.


[١] في ب «نسبه وروحه وشعره».

[٢] في ب ، ه : «وأنه كان يدفع في المواكب ويشقها».

[٣] في ب : «هلاك جيشه».

[٤] في ب ، ه : «بن قادس» في كل المواضع.

[٥] في ج : «قد طرف».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست