وقال في المطمح : إنه كهل الطريقة ، وفتى الحقيقة ، تدرّع الصيانة ، وبرع في الورع والديانة ، وتماسك عن الدنيا عفافا ، وما تماسك التماسا بأهلها والتفافا ، فاعتقل النّهى [٢] ، وتنقّل في مراتبها حتى استقرّ فيها في السّها [٣] ، وعطّل أيام الشباب ، ومطل فيها سعاد وزينب والرّباب ، إلّا ساعات وقفها على المدام ، وعطفها إلى النّدام ، حتى تخلّى عن ذلك واتّرك ، وأدرك من المعلومات ما أدرك ، وتعرّى من الشبهات ، وسرى إلى الرشد مستيقظا من تلك السّنات [٤] ، وله تصرّف في شتى الفنون ، وتقدّم في معرفة المفروض والمسنون ، وأمّا الأدب فلم يجاره في ميدانه أحد ، ولا استولى على إحسانه فيه حصر ولا حدّ ، وجدّه أبو الحجاج الأعلم هو خلّد منه ما خلّد ، ومنه تقلّد ما تقلّد ، وقد أثبتّ لأبي الفضل هذا ما يسقيك ماء الفضل زلالا ، ويريك سحر البيان حلالا ، فمن ذلك ما كتب به إليّ ، وقد مرت على شنت مرية بعد ما رحل عنها وانتقل ، واعتقل من نوانا [٥] وبيننا ما اعتقل ، وشنت مرية هذه داره ، وبها