فزاد طربه وسروره بحسن ارتجاله ، وأمر له بجائزة سنيّة.
قال علي بن ظافر : وأخبرني أيضا أنّ سبب اشتهار ابن جاخ هذا أنّ الوزير أبا بكر بن عمار كان كثير الوفادة على ملوك الأندلس ، لا يستقرّ ببلدة [١] ، ولا يستفزّه عن وطره [٢] وطن ، وكان كثير التطلّب لما يصدر عن أرباب المهن ، من الأدب الحسن [٣] ، فبلغه خبر ابن جاخ هذا قبل اشتهاره ، فمرّ على حانوته وهو آخذ في صناعة صباغته [٤] ، والنيل قد جرّ على يديه ذيلا ، وأعاد نهارهما ليلا ، فأراد أن يعلم سرعة خاطره ، فأخرج زنده ويده بيضاء من غير سوء ، وأشار إلى يده ، وقال : [المجتث]
كم بين زند وزند؟
فقال :
ما بين وصل وصدّ
فعجب من حسن ارتجاله ، ومبادرة العمل واستعجاله ، وجذب بضبعه ، وبلغ من الإحسان إليه غاية وسعه.
وبلغني أيضا أنه دخل سرقسطة فبلغه خبر يحيى القصّاب السرقسطي ، فمرّ عليه ، ولحم خرفانه [٥] بين يديه ، فأشار ابن عمار إلى اللحم ، وقال : [المنسرح]