responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 345

وترى كأنك لم تر ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «لو تكاشفتم ما تدافنتم» ، واعلم أنك أقرب الناس إليّ وأحبّهم فيّ ، وبعد هذا فما يخلو صدرك في وقت من الأوقات عن إنكار عليّ ، وسخط لما أفعله في جانبك أو جانب غيرك ، مما [١] لو أطلعني الله تعالى عليه لساءني ، لكن الحمد لله الذي حفظ ما بين القلوب بستر بعضها عن بعض فيما يجول فيها ، وإنك لذو همّة ومطمح ، ومن يكن هكذا يصبر ويغض ويحمل ، ويبدل العقاب بالثواب ، ويصير الأعداء من قبيل الأصحاب ، ويصبر من الشخص على ما يسوء ، فقد يرى منه بعد ذلك ما يسر ، ولقد يخف عليّ اليوم من قاسيت من فعله وقوله ، ما لو قطعتهم [٢] عضوا عضوا لما ارتكبوه مني ما شفيت منهم غيظي [٣] ، ولكن رأيت الإغضاء والاحتمال ، لا سيما عند الاقتدار ، أولى ، ونظرت إلى جميع من حولي ممّن يحسن ويسيء فوجدت القلوب متقاربة بعضها من بعض ، ونظرت إلى المسيء يعود محسنا ، والمحسن يعود مسيئا ، وصرت أندم على من سبق له منه عقاب ، ولا أندم على من سبق له مني ثواب ، فالزم يا بنيّ معالي الأمور ، وإن جماعها في التغاضي ، ومن لا يتغاضى لا يسلم له صاحب ، ولا يقرب منه جانب ، ولا ينال ما تترقى إليه همّته ، ولا يظفر بأمله ، ولا يجد معينا حين يحتاج إليه ، فقبّل المنذر يده ، وانصرف ، ولم يزل يأخذ نفسه بما أوصاه والده حتى تخلق بالخلق الجميل ، وبلغ ما أوصاه به أبوه ، ورفع قدره.

ومن شعره في ابن عمّ له : [الطويل]

ومولى أبى إلّا أذاي وإنني

لأحلم عنه وهو بالجهل يقصد

توددته فازداد بعدا وبغضة

وهل نافع عند الحسود التودّد

وقوله : [المجتث]

خالف عدوّك فيما

أتاك فيه لينصح

فإنما يبتغي أن

تنام عنه فيربح [٤]

ومن كرم نفسه أنّ أحد التجار أهدى له جارية بارعة الحسن ، واسمها طرب ، ولها صنعة في الغناء حسنة ، فعندما وقع بصره على حسنها ثم أذنه على غنائها أخذت بمجامع قلبه ، فقال


[١] في ب ، ه : «ما لو أطلعني الله عليه».

[٢] في ب : «ولو قطعتهم».

[٣] في ب ، ه : «ما شفيت فيهم غيظي».

[٤] في ب ، ه :

فإنما ينبغي أن

تنام عنه فتربح

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست