responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 343

وكان في مدة الناصر ، وأدخل عليه يوما ليذاكره ، فاستحسنه ، وأمره بالتزام بنيه ليؤدّبهم بحسن أدبه ، ويتخلّقوا بخلقه ، فاستعفى من ذلك ، وقال : إنّ الفتيان لا يتعلّمون إلّا بشدّة الضبط والقيد والإغلاظ ، وأنا أكره أن أعامل بذلك أولاد الخليفة فيكرهوني ، وقد يحقد لي بعضهم ذلك إلى أن يقدر على النفع والضرر.

قالوا : وكان يتعشّق المستنصر بالله ولي عهد الناصر وهو غلام ، وله فيه : [المجتث]

متّع بوجهك جفني

يا كوكبا فوق غصن

يا من تحجّب حتى

عن كلّ فكر وأذن

وخامر الخوف فيه

فما يمر بذهن [١]

فليس للطّرف والقل

ب غير دمع وحزن

فإنني ذو ذنوب

وأنت جنّة عدن

وقال أخوه أحمد بن هشام : [الطويل]

قطعت الليالي بارتجاء وصالكم

وما نلت منكم غير متّصل الهجر

وما كنت أدري ما التصبّر قبلكم

فعلّمتموني كيف أقوى على الصبر

وما كنت ممّن يعلق الصبر فكره

ولكن خشيت الصبر يذهب بالعمر

ومن حكاياتهم في علوّ الهمة : أنه كان سبب قراءته واجتهاده أنه حضر مجلسا فيه القائد أحمد بن أبي عبدة ، وهو غلام ، فاستخبره القائد ، فرآه بعيدا من الأدب والظّرف ، ورأى له ذهنا قابلا للصلاح ، فقال : أيّ سيف لو كانت عليه حلية؟ فقامت من هذه الكلمة قيامته ، وثابت له همّة ملوكيّة عطف بها على الأدب والتعلّم [٢] ، إلى أن صار ابن أبي عبدة عنده كما كان هو عند ابن أبي عبدة أولا ، فحضر بعد ذلك معه ، وجالا في مضمار الأدب ، فرأى ابن أبي عبدة جوادا لا يشقّ غباره [٣] ، فقال : ما هذا؟ أين هذا مما كان؟ فقال : إن كلمتك عملت في فكري ما أوجب هذا ، فقال : والله إنّ هذه حلية تليق بهذا السيف ، فجزاك الله عن همّتك خيرا!.

ثم قال له : سر ، إنّ لي عليك حقا إذ بعثتك على التأدّب والتميز ، فإذا حضرنا في جماعة فلا تتطاول على تقصيري ، وحافظ على أن لا أسقط من العيون بإرباء [٤] غيري عليّ ، فقال : لك ذلك وزيادة.


[١] في ب ، ه : «فما يجول بذهن».

[٢] في ه : «على الأدب والتعليم».

[٣] لا يشق غباره : أي لا يسبق ولا يجارى.

[٤] الإرباء : الزيادة ، من الفعل أربى.

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست