لبس البياض ، وتختّم بالعقيق ، وقرأ لأبي عمرو ، وتفقّه للشافعي ، وروى شعر ابن زيدون ، فقد استكمل الظّرف. وكان يسمّى بحتريّ المغرب [١] لحسن ديباجة نظمه ، وسهولة معانيه ، انتهى.
رجع إلى كلام أهل الأندلس :
وكان الأديب المحدّث أبو الربيع سليمان بن علي الشلبي الشهير بكثير يهوى من يتجنّى عليه ويقول : إنه أبرد من الثلج ، فخاطبه كثير بقوله : [الخفيف]
يا حبيبا له كلام خلوب
قلّبت في لظى هواه القلوب [٢]
كيف تعزو إلى محبّك بردا
ومن الحبّ في حشاه لهيب
أنت شمس وقلت إني ثلج
فلهذا إذا طلعت أذوب
وقال ابن مهران ممّا يشتمل على أربعة أمثال [٣] : [الكامل]
المال زين ، والحياة شهيّة ،
والجود يفقر ، والشجاعة تقتل
والبخل عيب ، والجبان مذمّم ،
والقصد أحكم ، والتوسّط أجمل [٤]
وقال ابن السّيد البطليوسي متغزّلا : [الكامل]
نفسي الفداء لجؤذر حلو اللّمى
مستحسن بصدوده أضناني [٥]
في فيه سمطا جوهر يروي الظما
لو علّني ببروده أحياني
ويخرج من هذه القطعة عدة قطع [٦].
وقال ابن صارة مضمّنا : [الوافر]
إلى كم ينفد الدينار مني
ويطلب كفّ من عنه يحيد [٧]
[١] في ه : «بحتري الغرب».
[٢] كلام خلوب : كلام خلاب.
[٣] انظر الذخيرة ج ٣ ص ١٥٧. وانظر سليمان بن مهران السرقسطي في الجذوة : ٢٠٩.
[٤] القصد : استقامة الطريق ، ويقال : هو على قصد ، أي على رشد ، وعلى الله قصد السبيل ، أي بيان الطريق المستقيم المؤدي إلى الحق ، وهو قصدك : أي اتجاهك.
[٥] الجؤذر : ولد البقرة الوحشية ، وهنا الفتاة الجميلة الناعمة تشبه بالجؤذر على عادة العرب.
[٦] انظر الذخيرة ج ٢ ص ٣٢٧.
[٧] في الأصول «إلى كم ينفد» كما أثبتناه. والأفضل منه ما ورد في الذخيرة «إلى كم ينفر الدينار مني».