وروي أنّ الوزير أبا الأصبغ عبد العزيز بن الأرقم وزير المعتصم بن صمادح رأى راية خضراء فيها صنيفة بيضاء في يد علج من علوج المعتصم نشرها على رأسه ، فقال : [الكامل]
نشرت عليك من النعيم جناحا
خضراء صيّرت الصباح وشاحا
تحكي بخفق قلب من عاديته
مهما يصافح صفحها الأرواحا
ضمنت لك النعمى برأي ظافر
فترقّب الفأل المشير نجاحا
وكان هذا الوزير آية الله تعالى في الوفاء ، وأرسله المعتصم إلى المعتمد بن عبّاد ، فأعجبت المعتمد محاولته ، ووقع في قلبه ، فأراد إفساده على صاحبه ، وأخذ معه في أن يقيم عنده ، فقال له : ما رأيت من صاحبي ما أكره فأوثر عند غيره ما أحب [٥] ، ولو رأيت ما أكره لما كان من الوفاء تركي له في حين فوّض إليّ أمره ، ووثق بي ، وحمّلني أعباء دولته ، فاستحسن ذلك ابن عباد ، وقال له : فاكتم عليّ ، فلما عاد إلى صاحبه سأله عن جميع ما جرى له ، فقال له في أثناء ذلك : وجرى لي معه ما إن أعلمتك به خفت أن تحسب فيه كالامتنان والاستظهار ، وتظنّ أنّ خاطري فسد به ، وإن كتمتك لم أوف النصيحة حقّها ، وخفت أن تطّلع عليه من غيري ، فيحطّني ذلك من عينك ، وتحسب فيه كيدا ، فحمل عليه في أن يعلمه ، فأعلمه