responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 274

أو تذمّ الزمان وهو حقيق

فأبو الطيب البعيد المرامي

ولمّا انتثر سلك نظام ملك لمتونة تفرّق ملك الأندلس رؤساء البلاد ، وكان من جملتهم الأمير أبو الحسن بن نزار لما له من الأصالة في وادي آش ، فحسده أهل بلده ، وقصدوا تأخيره عن تلك المرتبة ، فخطبوا في بلدهم لملك شرق الأندلس محمد بن مردنيش ، ووجّه لهم عمّاله وأوصالهم أن يخرج هذا الأسد من غيله ، ويفرّق بينه وبين تأميله ، ورفعوا له أشعارا كان يستريح بها على كاسه ، ويبثّها بمحضر من يركن إليه من جلّاسه ، ومنها قوله ، وقد استشعر من نفسه أنها أهل للتقديم ، مستحقّة لطلب سلفه القديم : [البسيط]

الآن أعرف قدر النّفع والضّرر

فكيف أصدر ما للملك من صدر

وكيف أطلع في أفق العلا قمرا

ويستهلّ بكفّي واكف الدرر [١]

وكيف أملأ صدر الدهر من رعب

وأستقلّ بحمل الحادث النّكر

وأستعدّ لما ترمي الخطوب به

وأستطيل على الأيام بالفكر

لكنني ربما بادرت منتهزا

لفرصة مرقت كاللمح بالبصر [٢]

في أمّ رأسي ما يعيا الزمان به

شرحا فسل بعدها الأيام عن خبري

فعندما وقف ابن مردنيش على هذا القول وجّه إلى وادي آش من حمله إليه ، وقيّده ، وقدم به إلى مرسية أسيرا ، بعدما كان مرتقبا أن يقدم أميرا ، فلمّا وقعت عين ابن مردنيش عليه قال له : أمكن الله منك يا فاجر ، فقال : أنت ـ أعزّك الله! ـ أولى بقول الخير من قول الشّرّ ، ومن أمكنه الله من القدرة على الفعل فما يليق به أن يستقدر بالقول ، فاستحيا منه ، وأمر به للسجن ، فمكث فيه مدّة ، وصدرت عنه أشعار في تشوّقه إلى بلاده ، منها قوله : [المتقارب]

لقد بلغ الشوق فوق الذي

حسبت فهل للتلاقي سبيل

فلو أنني متّ من شوقكم

غراما لما كان إلّا قليل

تعلّلني بالتداني المنى

وينشدني الدهر : صبر جميل

فقل لبثينة إن أصبحت

بعيدا فلم يسل عنها جميل

أغضّ جفوني عن غيرها

وسمعي عن اللوم فيها يميل


[١] الواكف : المطر المنهمل ، واستعار المعنى هنا للدرر.

[٢] في ه : «لفرصة فرقت كاللمح بالبصر».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست