فأخرجت رأسها جارية وقالت له : من أي بلد أنت يا من غنّى؟ فقال : من ألمرية ، فقالت : وما أعجبك في بلدك حتى تفضّله على وادي إشبيلية وهو بوجه مالح وقفا أحرش؟ وهذا من أحسن تعييب ، وذلك أنها أتته بالنقيض من إشبيلية ، فإنّ وجهها النهر العذب ، وقفاها بجبال الرحمة أشجار التين والعنب ، لا تقع العين إلّا على خضرة في أيام الفرج ، وأين إشبيلية من المرية. وفي ألمرية يقول السميسر شاعرها : [الخفيف]
بئس دار المرية اليوم دارا
ليس فيها لساكن ما يحبّ
بلدة لا تمار إلّا بريح
ربّما قد تهبّ أو لا تهبّ
يشير إلى أنّ مرافقها مجلوبة ، وأن الميرة تأتيها في البحر من برّ العدوة ، وفيها يقول أيضأ :[المجتث]
قالوا المرية فيها
نظافة قلت إيه
كأنها طست تبر
ويبصق الدم فيه
وحكى مؤرخ الأندلس أبو الحجاج البياسي [٣] ، أنه دخل عليه في مجلس أنس شيخ ضخم الجثّة مستثقل ، فقال البياسي [٤] : [مجزوء الخفيف]