رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا بضجيعه في قبره ، ولا من لا يشكّ في عدله ، فإن كان الفقهاء والقضاة أنزلوك بمنزلته في العدل ، فالله تعالى سائلهم عن تقلّدهم فيك ، وما اقتضاها عمر ، رضي الله تعالى عنه ، حتى دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلف أن ليس عنده درهم واحد في بيت مال المسلمين ينفقه عليهم ، فلتدخل [١] المسجد الجامع هنالك بحضرة من أهل العلم وتحلف أن ليس عندك درهم واحد ولا في بيت مال المسلمين ، وحينئذ تستوجب ذلك ، والسلام ، انتهى.
وأمّا ابن الفراء الأخفش بن ميمون [٢] الذي ذكره الحجاري في «المسهب» فليس هو من هؤلاء ، بل هو من حصن القبداق [٣] من أعمال قلعة بني سعيد ، وتأدّب في قرطبة ، ثم عاد إلى حضرة غرناطة ، واعتكف بها على مدح وزيرها اليهودي ، وهو القائل : [البسيط]
صابح محيّاه تلق النّجح في الأمل
وانظر بناديه حسن الشمس في الحمل
ما إن يلاقي خليل فيه من خلل
وكلّما حال صرف الدهر لم يحل
وكان يهاجي المنفتل شاعر إلبيرة ، ومن هجاء المنفتل [٤] له قوله : [مجزوء الرمل]
لابن ميمون قريض
زمهرير البرد فيه
فإذا ما قال شعرا
نفقت سوق أبيه
ولمّا وفد على المرية مدح رفيع الدولة بن المعتصم بن صمادح بشعر ، فقال له بعض من أراد ضرّه : يا سيدي ، لا تقرب هذا اللعين ، فإنه قال في اليهودي : [الطويل]
ولكنّ عندي للوفاء شريعة
تركت بها الإسلام يبكي على الكفر
فقال رفيع الدولة : هذا والله هو الحرّ الذي ينبغي أن يصطنع ، فلو لا وفاؤه ما بكى كافرا بعد موته ، وقد وجدنا في أصحابنا من لا يرعى مسلما في حياته. فقال فيه المنفتل [٥] : [المجتث]