responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 176

الإقدام ، ولم يكن ملاك النصر بيده ، فخذله من وثق به ، ونكل عنه من كان معه ، فلم يزحزح قدمه عن موطن حفاظه ، حتى ملك مقبلا غير مدبر ، مبليا غير فشل ، فجوزي خيرا عن نفسه وسلطانه ، فإنه لا طريق للملام عليه ، وليس عليه ما جنته الحرب الغشوم ، وأيضا فإنه ما قصد أن يجود بنفسه إلّا رضا للأمير ، واجتنابا لسخطه ، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضا جالب التقصير فذلك معدود في سوء الحظ ، فأعجب الأمير كلامه ، وشكر له وفاءه ، وأقصر فيما بعد عن تفنيد هاشم ، وسعى في تخليصه ، واتّصل الخبر بهاشم ، فكتب إليه : الصديق من صدقك في الشدّة لا في الرخاء ، والأخ من ذبّ عنك في الغيب لا في المشهد ، والوفيّ من وفى لك إذا خانك زمان ، وقد أتاني من كلامك بين يدي سيدنا ـ جعل الله تعالى نعمته سرمدا! ـ ما زادني بمودّتك اغتباطا ، وبصداقتك ارتباطا ، ولذلك ما كنت أشدّ يدي على وصلك ، وأخصّك [١] بإخائي ، وأنا الآن بموضع لا أقدر فيه على جزاء غير الثناء ، وأنت أقدر مني على أن تزيد ما بدأت به بأن تتمّ ما شرعت فيه ، حتى تتكمّل لك المنّة ، ويستوثق عقد الصداقة ، إن شاء الله تعالى ، وكتب إليه بشعر منه : [الطويل]

أيا ذاكري بالغيب في محفل به

تصامت جمع عن جواب به نصري

أتتني والبيداء بيني وبينها

رقى كلمات خلّصتني من الأسر

لئن قرّب الله اللقاء فإنني

سأجزيك ما لا ينقضي غابر الدّهر [٢]

فأجابه الوليد : خلصك الله أيها البدر من سرارك! وعجّل بطلوعك في أكمل تمامك وإبدارك [٣]! وصلني شكرك على أن قلت ما علمت ، ولم أخرج عن النصح للسلطان بما زكنته [٤] من ذلك ، والله تعالى شاهد ، على أنّ ذلك في مجالس غير المجلس المنقول لسيدي إن خفيت عن المخلوق فما تخفى عن الخالق ، ما أردت بها إلّا أداء بعض ما أعتقده لك ، وكم سهرت وأنا نائم ، وقمت في حقي وأنا قاعد ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ثم ذكر أبياتا لم تحضرني الآن.

ومن حكاياتهم في علوّ الهمّة في العلم والدنيا أنه دخل أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة جامع غرناطة ، وبه نحويّ حوله شباب يقرءون ، فنظروا إليه ، وقالوا له مستهزئين به : ما


[١] في ه : «وأخصه بإخائي» محرفا. والتصويب من بقية النسخ.

[٢] في ه : «فإن قرب الله اللقاء».

[٣] وإبدار البدر : طلوعه وتمامه.

[٤] في ه : «بما زكيته من ذلك». وزكن له بفتح الزاي وكسر الكاف : خالطه وكان معه.

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست