ما كان يجده من الغول ، وآخر شعر قاله قوله : [الطويل]
ولمّا رأيت العيش لوّى برأسه
وأيقنت أنّ الموت لا شكّ لاحقي
تمنّيت أني ساكن في عباءة
بأعلى مهبّ الرّيح في رأس شاهق
أردّ سقيط الطّلّ في فضل عيشتي
وحيدا وأحسو الماء ثني المعالق
خليليّ ، من ذاق المنيّة مرّة
فقد ذقتها خمسين ، قولة صادق [١]
كأني ، وقد حان ارتحالي ، لم أفز
قديما من الدنيا بلمحة بارق
فمن مبلغ عنّي ابن حزم وكان لي
يدا في ملمّاتي وعند مضايقي :
عليك سلام الله إنّي مفارق
وحسبك زادا من حبيب مفارق
فلا تنس تأبيني إذا ما ذكرتني
وتذكار أيّامي وفضل خلائقي [٢]
وحرّك له بالله من أهل فنّنا
إذا غيّبوني كلّ شهم غرانق [٣]
عسى هامتي في القبر تسمع بعضه
بترجيع شاد أو بتطريب طارق
فلي في ادّكاري بعد موتي راحة
فلا تمنعوها لي علالة زاهق
وإني لأرجو الله فيما تقدّمت
ذنوبي به ممّا درى من حقائق [٤]
وكان أبو مروان عبد الملك بن غصن [٥] مستوليا على وزارة ابن عبيدة [٦] ولسانه ينشد : [الطويل]
وشيّدت مجدي بين أهلي ولم أقل
ألا ليت قومي يعلمون صنيعي
وهجا ابن ذي النون بقوله : [الطويل]
تلقّبت بالمأمون ظلما ، وإنني
لآمن كلبا حيث لست مؤمّنه
حرام عليه أن يجود ببشره
وأمّا النّدى فاندب هنالك مدفنه
سطور المخازي دون أبواب قصره
بحجّابه للقاصدين معنونه
[١] في ج : «خليلي من رام المنية .. فقد رمتها».
[٢] في ه : «فلا تنس تأبيني إذا ما فقدتني».
[٣] في ب : «وحرك له بالله مهما ذكرتني .. كل سهم». والغرانق : الأبيض الناعم الجميل.
[٤] في ه : «فيما درى من حقائقي».
[٥] في ج : «عبد الملك بن حصن».
[٦] في ج : «ابن عبدة».