responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 149

وكنت أحسب أني لا أضيق به

ذرعا فما حان حتى فتّ في عضدي

ثم استمرّت على كره مريرته

فكاد يفرق بين الروح والجسد

عساكم أن تلاقوا باللقا رمقي

فليس لي مهجة تقوى على الكمد

ثم قال : حسبك ، وإن كلفتني زيادة فالله حسبك ، فقلت له : قد وكلتني إلى كريم غفور رحيم ، فبالله إلّا ما زدتني ، وأكببت لأقبّل رجليه ، فضمّهما وأنشد : [المجتث]

لله من قال لمّا

شكوت فيه نحولي

أمّا السبيل لوصل

فما له من وصول

فقلت حسبي التماح

بحسن وجه جميل

وجه تلوح عليه

علامة للقبول

فقال دعني فهذا

تعرّض للفضول

فقلت عاتب وخاطب

بالأمن أهل العقول

فملأ سمعي عجائب ، وبسط أنسي ، وكتبت كلّ ما أنشدني ، ثم قلت له : لولا خوفي من التثقيل عليك لم أزل أستدعي منك الإنشاد حتى لا تجد ما تنشد ، فقال : إن عدت إن شاء الله تعالى إلى هنا تذكرت ، وأنشدتك ، فما عندي ممّا أضيفك غير ما سمعته [١] ، وما تراه ، ثم قام وجاء من بيت آخر في داره بصحفة فيها حسا من دقيق وكسور باردة ، فجعل يفتّ فيها ، ثم أشار إليّ أن أشرب ، فشربت ، ثم شرب إلى أن أتينا على آخرها ، ثم قال لي : هذا غذاء عمّك نهاره ، وإنه لنعمة من الله تعالى أستديم بشكرها اتّصالها ، قال : فقلت له : يا عمّ ، ومن أين عيشك؟ فقال : يا بني ، عيشتي بتلك الشبكة أصطاد بها في سواحل البحر ما أقتات به ، ولي زوجة وبنت يعود من غزلهما مع ذلك ما نجد به [٢] معونة ، وهذا مع العافية والاستغناء عن الناس خير كثير ، جعلنا الله تعالى ممّن يلقاه على حالة يرضاها ، وختم لنا بخاتمة لا يخاف معها فضيحة! قال : فتركته وقمت وفي نيّتي أن أعود إلى زيارته ، ونويت أن يكون ذلك بعد أيام خوف التثقيل ، فعدت إليه بعد ثلاثة أيام ، فنقرت الباب ، فكلمتني المرأة بلسان عليه أثر الحزن ، وقالت : إنّ الشيخ خرج إلى الغزو ، وذلك بعد انفصالك عنه بيوم ، ناله كالجنون ، فقلت له : ما شأنك؟ فقال : إني [٣] أريد أن أموت شهيدا في الغزو ، وهؤلاء جيران لي قد


[١] في ب ، ه : «غير ما سمعت».

[٢] في ب ، ه : «ما نجد فيه معونة».

[٣] في ب : «فقال : أريد أن أموت شهيدا».

نام کتاب : نفح الطّيب نویسنده : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    جلد : 4  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست