ونحو هذا قول الحصري فيما نسبه إليه ابن دحية : [المجتث]
ضاقت بلنسية بي
وذاد عنّي غموضي
رقص البراغيث فيها
على غناء البعوض
رجع إلى أهل الأندلس ، فنقول :
كان ابن سعد الخير البلنسي الشاعر كثير الذهول ، مفرط النسيان ، ظاهر التغفّل ، على جودة نظمه ، ورطوبة طبعه ، وكان كثيرا ما يسلك سكة الإسكافيين الذين يعملون الخفاف على بغلة له ، فاتّخذت البغلة النفور من أطراف الأدم وفضلات الجلود الملقاة في السكة عادة لها ، واتّفق أن عبر في السكة راجلا ، ومعه جماعة من أصحابه ، فلمّا رأى الجلود الملقاة قفز ووثب راجعا على عقبيه ، فقال له أصحابه : ما هذا أيها الأستاذ؟ فقال : البغلة نفرت ، فعجبوا من تغفّله [٢] كيف ظنّ مع ما يقاسيه من ألم المشي ونصب التعب أنه راكب؟ وأنّ حركته الاختيارية منه حركة الدابة الضرورية له ، فكان تغفّله ربما أوقعه في تهمة عند من لم يعرفه ، فاقترح عليه بعض الأمراء أن يصنع بيتين أول أحدهما كتاب وآخره ذئب ، وأول الآخر جوارح وآخره أنابيب ، فصنع بديها : [الطويل]