قال : وخرجت يوما بشاطبة إلى باب السّمّارين ، ابتغاء الفرجة على خرير ذلك الماء بتلك الساقية ، وذلك سنة ٤٨٠ ، وإذ بالفقيه أبي عمران بن أبي تليد [١] رحمه الله تعالى قد سبقني إلى ذلك ، فألفيته جالسا على دكان كانت هناك مبنية لهذا الشأن ، فسلّمت عليه ، وجلست إليه ، مستأنسا به ، فجرى أثناء ما تناشدناه ذكر قول ابن رشيق : [مجزوء الكامل]
يا من يمرّ ولا تمرّ
به القلوب من الفرق
بعمامة من خدّه
أو خدّه منها استرق
فكأنّه وكأنّها
قمر تعمّم بالشّفق
فإذا بدا وإذا انثنى
وإذا شدا وإذا نطق
شغل الخواطر والجوا
نح والمسامع والحدق
فقلت ، وقد أعجب بها جدّا ، وأثنى عليها كثيرا : أحسن ما في القطعة سياقة الأعداد ، وإلّا فأنت تراه قد استرسل فلم يقابل بين ألفاظ البيت الأخير والبيت الذي قبله فينزل بإزاء كل واحدة منها ما يلائمها ، وهل ينزل بإزاء قوله «وإذا نطق» قوله «شغل الحدق» وكأنه نازعني القول في هذا غاية الجهد ، فقلت بديها : [مجزوء الكامل]
قال ابن ظافر : والقطعة القافيّة ليست لابن رشيق ، بل هي لأبي الحسين [٣] علي بن بشر الكاتب أحد شعراء اليتيمة.
وكان بين السميسر الشاعر وبين بعض رؤساء المريّة واقع لمدح مدحه فلم يجزه عليه ، فصنع ذلك الرجل دعوة للمعتصم بن صمادح صاحب المرية ، واحتفل فيها بما يحتفل مثله في
[٣] في ه : «لأبي الحسين بن علي بن بشر». وقد وهم ابن ظافر وتابعه المقري فهي لأبي الحسن لا أبي الحسين ـ علي بن أبي بشر الكاتب أحد شعراء الخريدة وقد ترجم له الصفدي في الوافي.