فصالحهم على أنهم جميعا آمنون من بعضهم حتى تنفر الناس النفر الأخير. فوقفوا بعرفة على حدة ، (ودفع بالناس) [١] عبد الواحد ، ونزل بمنى في منزل السلطان. ونزل أبو حمزة بقرن [٢] الثعالب.
فلما كان النفر الأول ، نفر عبد الواحد وفارق مكة ، وتوجه إلى المدينة ، وترك فسطاطه ، وأثقاله بمنى ، وقصد المدينة ، وفيه يقول بعض الشعراء [٣] :
زار الحجيج عصابة قد خالفت
دين الإله ففرّ عبد الواحد
ترك الحلائل والإمارة هاربا
ومضى يخبط كالبعير الشارد
فتغلب أبو حمزة على مكة ، وأقام بها إلى صفر [٤] ، واستخلف عليها أبرهة بن الصباح الحميري [٥]. وخرج في طلب عبد الواحد إلى جهة المدينة.
فالتقيا بقديد [٦] مع الجيش الذي أنفذه عبد الواحد لقتاله ، فظفر
[٢] في (أ) ، (ب) ، (د) «قرين الثعالب» كما في تاريخ الطبري ٨ / ٢٦٧. والاثبات من (ج). وقرن الثعالب : هو قرن المنازل جبل مطل على عرفات. ميقات أهل اليمن والطائف. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٤ / ٣٣٢.
[٣] انظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٨ / ٢٦٨ ، ابن الأثير ـ الكامل ٤ / ٣٠٨. والأبيات أنشأها يعقوب بن طلحة الليثي لشاعر لم يحفظ اسمه ـ ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٨ / ٢٦٨.
[٤] ذكر ابن خياط أنه دخل المدينة في ثالث عشر من صفر سنة ١٣٠ ه. تاريخ خليفة ٣٩٢. وانظر : ابن جرير الطبري ـ تاريخ ٨ / ٢٩٠.