responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 67

مخصبة ، وطبائعهم مائلة الى البرد ، وأخلاق هؤلاء القوم أيضا وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم واتصاله ، وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف.

وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان ، فان الشمس لما كانت لا تصل الى موضع سمت رؤوسهم ـ ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعدا كثيرا ، فكان مزاج هوائهم معتدلا فكان قد يختلف الا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر الى البرد ومن البرد الى الحر ـ صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة. ومن كان من هؤلاء يميل الى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر اذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم ، وحركات انفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء ، وانها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية ـ أي علم النجوم والحساب ـ كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا الى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان ـ ومن كان منهم بالجملة مائلا الى ناحية المشرق فهم أكثر تذكرا وأقوى انفسا ويظهرون جميع أمورهم ، لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة ، كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها. وأما الذين يميلون الى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثا وانفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها ، لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبدا أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور ، ولذلك يظن بهذه الناحية انها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية ، وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية ، كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر ، وتخص مواضع وبلدانا منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره. وكما أن بعض الناس أيضا فلاحون خاصة لسهولة أرضهم ، وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم ، وآخرون اهل خفض ودعة

نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست