وضرّ ، ولذلك لا يعمل أهل اليمن حلاواهم إلا به ، لأنه أطيب وأجود من الشيرق المقشر [١] ومن دهن الجوز واللوز ، ولطيبه يشربه الناس شربا ، ويكون له رائحة شهية تدعو النفس معها إلى شربه والاستكثار من التأدم به ، وله لطف ، فلا يكاد يجمد لرقته ولطفه وخفته ، والسمن مما يبين به اليمن [٢]. وتجد ذلك كذلك في لطافة لحوم الضأن ولحوم البقر ، فأما الجنديّ منها فربما بلغ الثور منها ثلاثين دينارا مطوقا فإنه أطيب من لحم الحمل الشهري في سائر البلاد لرقته ، ولطفه ، ودسمه ، ولا يكون له رائحة [٣] ، ولأهل صنعاء الرقاق [٤] الذي ليس هو في بلد رقة وسعة وبياضا لمؤاتاة متانة البر. وإبرار اليمن العربي التليد ، والنسول برّ العلس ، وهو ألطفها خبزا وأخفها خفة [٥]. والرغيف بصنعاء لا ينكسر ، ولكنه ينعطف ويندرج طومارا وكسره السفار قطعا ، والخبز بها ضروب كثيرة ، ولمضائرهم فضل لحال اللبن ، واللبن الرائب بصنعاء ، وبلد همدان ومشرق خولان وحزيز وجهران اثخن من الزبد في غير اليمن مع الغذاء واللذة والطيب ، وزبدها بمنزلة الجبن الرطب في غيرها وأشد وتحمل القطعة ، فلا يعلق بيدك منها كثير شيء ، ولهم مع ذلك ألوان الطعام والحلاوى والشربة التي تؤثر على غايات ألوان كتب المطابخ ، ولهم مثل ألوان السمائد وألوان البقط والكشك السري وألوان الحلبة ، ومعقدات الأترج والقرع والجزر وقديد الخوخ والرانج والليّ [٦] ، وغير ذلك مما إذا سمع به الجاهل ازدراه ، وإذا شرع فيه قضم على طيبه بعض أنامله ، وبه الشهد الحضوري [٧] الماذي الجامد الذي يقطع بالسكاكين ، وقد ذكره امرؤ القيس بقوله :
[١] الشيرق بالشين آخره قاف كذا في الأصول كلها وهو الشيرج بكسر المعجمة آخره جيم وهو دهن السمسم الجلجلال.
[٢] هكذا أوصاف السمن اليمني كما وصفه المؤلف ولهذا تقول الاغراب السمن سم العلل وهم غالطون فرغم أوصافه التي تفتح النفس لشربه مجردا فانه يضر بالكبد لا سيما من كان مريضا بها وقوله يبين به اليمن أي يتميز.