بشيء من جمعك أحدا من ذوي قرابتك إلا كانت مسألة الله إياك عن قطيعتهم أهون عليك من محاسبته إياك بما يصل إليهم ، ولا تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة إلا وقّعت لك في سجين ، ولا ترفع منزلة إلا هبطت بك في أسفل السافلين ، وما سلم قلبك حتى عرفت به وصليت في المشرق إلا من ضعف قلبك ، ولا صح عقلك حتى رجب [١] أهلك إلا من قلّة عقلك ولو نفرت في الأرض حيران على وجهك أو سرت إلى الجبال هاربا من خطيئتك أو ترممت [٢] العظام مع الكلاب ، أو ولغت فضول الماء مع السباع لكان ذلك بقدر جرمك خفضا ودعة من جنائك وبقدر عملك رغدا من معيشتك ، ولو ابيضت عيناك من الحزن ، وعضضت على يديك فأبنتهما من الغبن وتقطع قلبك من الهم أو ذهبت نفسك حسرات لما كان ذلك أرش ما جرحت به من دينك ولا نذر ما لويت به من أمانتك ولا قيمة ما فاتك من ربك فإذا بلغت من نفسك المسكينة ما بلغت ورضيت عنك نفسك الضعيفة ما صنعت فلا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد ملوما مخذولا.
قال أبو محمد : ثم من بعد صنعاء من قرى همدان في نجدها بلدها ريدة وبها البئر المعطلة والقصر المشيد وهو تلفم [٣] وفيه يقول علقمة بن ذي جدن :
[٢] ترممت العظام : الرميم من العظام باليها وما نخر منها وقوله ولغت من الولوغ وهو شرب الكلاب والسباع بطرف ألسنتها.
[٣] ريدة بفتح الراء وسكون الياء المثناة من تحت ثم دال وهاء هي منزل الهمداني وكانت معقله الذي يلجأ اليه من صروف الزمن وكوارث المحن في كنف الاسد الهصور ابي جعفر احمد بن محمد بن الضحاك ، وهي اليوم آهلة بالسكان والحياة وهي لا تزال سوقا لحاشد وبكيل وعدادها من بكيل وتقع في البون لحف جبل تلفم بفتح التاء المثناة من فوق وسكون اللام وضم الفاء آخره ميم والعامة تنطق به اليوم بالقاف راجع الكلام على ريدة وتلفم في الجزء الثامن والثاني من الاكليل ج ٢ ـ ٩٨. والثامن ـ ١٦٥ باخراجنا.
[٤] راجع انساب وأخبار اللعويين في الاكليل ج ١٠ ويقال لهم بقية في عفار من خارف.
[٥] أثافت بضم الهمزة وكسر الفاء وفيه لغة ثالثة وهي ثافت باسقاط الهمزة حكاها ابن فند شارح البسامة وكذا حكاها ياقوت وفي معجم ما استعجم. وقال الهمداني : أثافة على من يقول في تابوت تابوه. وهي اليوم لا أثر فيهما وكانت تقوم على مصنعة منيعة لا ترام وتقع في بني صريم ثم في آل أبي الحسين وقد عاصرت أحداثا رهيبة لا زالت تنتقص منها حتى اختفت حوالي القرن السابع الهجري ، راجع التاريخ ، وضبطها ياقوت بفتح الهمزة.