responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 110

خلّفت على أهلك أو على من تتكل في هول سفرك أو بمن تثق في حال غربتك؟ أبا لله أم عليه؟ وكيف ولست أخشى عليك إلا من قبله لأنه قد أعذر اليك وأنذر ، فعصيت أمره ، وأطعت أعداءه ، وخرجت مغاضبا تظن أن لن يقدر عليك ، فاتق على نفسك الزلل ، وانزل عن دابتك في كل جبل ، فاذا استويت أنت ومن معك على ظهورها فلا تقل : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) لأن الله تبارك وتعالى قد كره أن يحمد على ما نهى عنه ولكن قل : (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) والسلام.

ومنه الى الحجبي : أما بعد فان الله وله الحمد قد كان عرّضني وجوها كثيرة وخيرني في مكاسب حلال ، وكنت بتوفيق الله عزوجل وإحسانه قد اخترت منها ناحية الأمير حفظه الله تعالى ورضيت به من كل مطلب ، واقتصرت على رجائه من كل مكسب ، فأثابه الله عزوجل بذلك فتحا قريبا ، ومغانم كثيرة عجّلها وكان الله عزيزا حكيما ، وقد عرف الأمير حفظه الله تعالى طول مودتي له ، وقديم حرمتي ، وأني ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، ثم إني لم أتعرب بعد الهجرة ، ولم أنافق بعد النصرة ، ولم أكن كحاطب [١] حين ألقى بالمودّة ، ولا كتميم يوم نادوا من وراء الحجرات [٢] ، بل أقمت على مكانتي ، واصطبرت على عسرتي ، حتى جاء الفتح من عند الله ، وطلع الأمير حفظه الله ، فلما ظهر وتمكن ، ورجونا الغنى معه حين أيسر واثخن ، والعز تماما على الذي أحسن ، قرّب الأحزاب ، وأدنى المخلّفين من الأعراب ، وآثر بالفيء من لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وأصبحت أياديه عند المؤلفة قلوبهم ، ومن كان يلمزه في الصدقات منهم ، وصنائعه عند المعذّرين من الأعراب الذين جاءوا من بعدهم ، ظاهرة في الآفاق وفي أنفسهم ، وأصبح نقباء العقبة وفقراء الهجرة ومساكين الصفّة تفيض أعينهم حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ، والسابقون الأولون منا ومن أهل النصرة مرجوون لأمر الله ، فان رأى الأمير حفظه الله أن يعطف علينا من قبل أن يزيغ قلوب فريق منا فعل فان (الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) ، ولست أدري ماذا أعتذر به اليوم الى الناس في أمري عن الأمير ،


[١] حاطب بن أبي بلتعة : صحابي بدري أنزل الله في حادثته قرآنا يتلى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) ـ سورة الممتحنة ـ راجع التفاسير والسيرة النبوية.

[٢] تميم. قبيلة مشهورة ، ولما وصل وفدهم الى المدينة نادوا بجلافة الأعراب : يا محمد اخرج الينا ؛ فأنزل الله فيهم الآيات في سورة الحجرات.

نام کتاب : صفة جزيرة العرب نویسنده : الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست