ثمّ وصلنا إلى بني ورار ، ثم إلى ميلة [١] ، فلم نر إلا رسوما بحوادث الدّهر محيلة ؛ يقتصر في وصفهما [٢] من أراد أن يعمل بيانه ، على ما تقدّم من وصف مليانة ، وكلتاهما على شكل مدينة ، ليست بثمينة ولا متينة ؛ عمل البلى فيهما وفي السكّان ، وأدخل الجميع في خبر كان ؛ وفي كلتيهما عين تسحّ ، وعنصر [٣] يجود ولا يشحّ ؛ وبنو ورار أعمر المحلّين ، وعينها أغزر العينين ، تسقي البلد نهلا وعللا [٤] ، وتفيض عليه غللا يشفي غللا [٥] ؛ وعين ميلة في داخل البلد ، ليست بفيض ولا ثمد [٦] ، وقد طويت [٧] طيّا بديع الإحكام ، وبنيت بنيانا يدلّ على فرط اعتناء واهتمام [٨] ، تقف [١٨ / آ] عليه النّواظر وقوف استغراب ، وتصفه الألسنة على جهة الإغراب [٩] ، وكفى ببلد خلاء وفناء ألّا يحوي ما يوصف إلّا ماء وبناء.
[ذكر قسنطينة]
ثمّ وصلنا الى البلد الذي نشّفت الخطوب معينه ، وأبت الأقدار أن تكون له معينة ؛ بلد الوضع العجيب ، والموضع الخصيب ، مدينة
[١] ميلة : مدينة صغيرة تقع في الجزائر اليوم ، وتبعد عن قسنطينة ٤٠ كم إلى الشمال الغربي منها الروض المعطار : ٥٦٨ ـ وصف إفريقيا : ٢ / ٦٠.