وقرأت عليه أيضا بعض كتاب «عوارف المعارف» [١] للإمام أبي حفص السّهرورديّ ـ ; ـ وناولني جميعه بحقّ قراءته إيّاه على الشّيخ الفقيه المحدّث أبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي جعفر الأنصاريّ عن مؤلّفه ، وقد تقدّم أنّي أدركت بمكّة ـ شرّفها الله ـ من يروي هذا الكتاب عن مؤلّفه ، ولم يقض لي الأخذ عنه ؛ وسمعت على شيخنا المذكور دولا من «التّيسير» للإمام أبي عمرو المقرىء ، ومن كتب شتّى في التّصوّف وغيره ، وأجازني إجازة عامّة ، والحمد لله. ومولده ـ حفظه الله ـ عام ستّ مئة.
[لقاؤه لأبي محمّد الخلاصي]
ولقيت بها الشّيخ الفقيه ، الصّالح ، الزّاهد ، النّاسك ، المنقطع ، الفاضل ، الكامل ، ذا الماثر العليّة ، والفضائل السّنيّة ، أبا محمّد عبد الله بن يوسف بن موسى الخلاصي الأندلسيّ [٢] نفعه الله ، ونفع به ، وهو من [أهل][٣] الصّلاح والدّين ، والفضل والتّمسّك بأخلاق السّلف الصّالح ، والإعراض بالجملة عن أعراض الدّنيا ، والإقبال بالكليّة على طريق الآخرة بالمحلّ الأعلى. رأيته وقد جاء إلى شيخنا أبي القاسم اللّبيديّ ، فقعد بين يديه وهو يتملّق ، ويقبّل أطرافه ، فقال له الشّيخ أبو القاسم : أنت أخي ؛ فقال له : يا سيّدي ما أنا إلّا عبدك ، ثمّ سلّم عليه وانصرف. وقد جالسته كثيرا ، وتردّدت إليه مدّة إقامتي بتونس
[١] هو كتاب في التصوف للشيخ شهاب الدين أبي حفص عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي المتوفى سنة ٦٣٢ ه ، وهو مشتمل على ثلاثة وستين بابا في سير المتصوفة وأحوالهم وأعمالهم. انظر كشف الظنون ١١٧٧.
[٢] لقيه ابن رشيد في رحلته بتونس وأخذ عنه. انظر ملء العيبة ٢ / ٣٢١ ـ ٣٧٦.