ثمّ وصلنا إلى الإسكندريّة [١] ، فأنزلنا شيخنا الفقيه زين الدّين بمدرسة إقرائه ، وأولانا من برّه وتأنيسه ما يكافئه الله به.
[الطّريق من الإسكندريّة إلى تونس]
وأقمنا بها سبعة أيّام ، ثم سافرنا على طريقنا الأولى إلى العقبة الصّغيرة ثمّ تياسرنا منها إلى العقبة الكبيرة ، وهذه الطّريق معطشة ، وماؤها في آبار عميقة ، ما رأيت أبعد منها ، وقلّما يتأتّى [٢] الاستقاء منها إلّا بحبال موصولة ، والغالب في ورودها الغبّ [٣] ، فشقّ سلوكها لذلك. ثم منها على طريقنا الأولى إلى البطنان ثم إلى قصر الصّفاقنة [٤] ثم إلى الرّجل المشقوق ثم إلى الحصوي ، وهذه كلّها أسماء مواضع تنزلها العربان ما بها مستعتب سوى قصر الصّفاقنة. ومن الحصوي على الطّريق الوسطى بين طريق الغابة وطريق القبلة إلى أبي شمال ، وهي عين غزيرة [٥] عذبة. ثمّ إلى جرسون ، ثم إلى مراوة ، وتركنا على اليمين طريق المرج ، وقبّة هيت ، وطلميثة وهي مدينة أرض برقة ومرفأ سفنها.
ورأيت ما بين جرسون ومراوة آكاما غليظة ، دائرة بديار منحوتة منها في حجر صلد من أبدع العمل وأغرب الإتقان ، عجيبة محكمة جدّا ، ودخلت