ثمّ وصلنا بعد ثمانية أيام إلى المحلّ الأنيس ؛ والمعهد الّذي يتخيرّ فيه مقيل وتعريس ؛ والمنزل الذّي حكم له القدر بالسّعادة حين التّأسيس ، مثوى كلّ خاشع ومنيب [١] ، ومستقرّ كلّ خائف حذر من التّأنيب ، ومناخ كلّ مشتاق يحنّ حنين النّيب [٢] ، حرم الخليل [٣]7 ، وهي قرية مليحة المنظر ، أنيقة المسموع والمبصر ، مشرقة كالصّبح إذا أسفر ، موضوعة ببطن واد قليل الماء والشّجر ، والمحيط بها حرار [٤] وعرة ، والمسجد بنيّة أنيقة ، من المباني القديمة الوثيقة ، عالية البناء ، محكمة العمل ، من صخور منحوتة في نهاية العظم. منها صخرة في الرّكن الّذي على يسار القبلة وهي من الأرض على قدر القامة ، فيها سبعة وثلاثون شبرا ، يتعجّب النّاس منها ومن وضعها هنالك ، ويقال : إنّ البنيّة كلّها من صنعة [٥] الجنّ أمرهم سليمان 7 بتجديدها [٦] على الغار لما دثر ما كان عليه بتقادم الأعصار ، وفيها تحريف عن الجنوب إلى الشّرق ؛ فلما ردّت مسجدا جعل لها [٧] المحراب في الوسط كسائر المساجد تحسينا لصورتها ، ثمّ ردّ الرّكن الأيمن محرابا آخر تنبيها على تشريقها ، وفي داخل المسجد قبر الخليل وإسحاق ويعقوب : ، وتقابلها من ناحية يسار القبلة ثلاثة أخرى هي قبور أزواجهم ، وكان في