القبلة امتنع عبيد الله بن عبد الله بن عمر من بيع دار حفصة [١] فقال عمر : لا بدّ لي من إدخالها في المسجد ، وطال الكلام بينهما حتّى ابتاعها منهم على أن يكون لهم ما بقي منها ، وأن يخرجوا من باقيها طريقا إلى المسجد ، وهي الخوخة الّتي [١١٦ / ب] في المسجد [٢] ، وأظنّها الّتي قد مرّ ذكرها ، ولكنّهم ذكروا أنّ خوخة آل عمر كانت تخرج من تحت المقصورة وهذه [٣] بعيدة منها إلّا أن يكون طريقها قد غيّر عن موضعه ، وجعل عمر للمسجد أربع منارات ، في كلّ ركن واحدة وكانت الرّابعة مطّلة على دار مروان. فلمّا حجّ سليمان ابن عبد الملك [٤] أذّن المؤذّن فأطلّ عليه فأمر بها فهدمت وجعل عمر للمسجد محرابا وشرافات ، وقيل : إنّه أوّل من أحدث المحراب [٥]. ونظر القاسم وسالم [٦] إلى شرافات المسجد فقالا : إنّها من زينته ، وقد جاء أثر بالنّهي عن الصّلاة في مسجد له قذافات ، وفسّرت بالشّرافات ، وليس الآن فيه شرافات ولا تزويق وبالله التّوفيق.
[١] حفصة بنت عمر بن الخطاب : صحابية جليلة صالحة من أزواج النبي 6 روى لها البخاري ومسلم في الصحيحين ستين حديثا توفيت بمكة سنة ٤٥ ه. له ترجمة في الإصابة ٤ / ٢٦٤ ، وأعلام النساء ١ / ٢٨٤.
[٤] سليمان بن عبد الملك بن مروان : خليفة أموي ولي بين سنتي ٩٦ ـ ٩٩ ه ، له ترجمة في تاريخ الخلفاء للسيوطي ٢٢٥ وما بعد.
[٥] المناسك ٣٦٨. وابن بطوطة ١ / ١٣٧ وانظر زيادة الوليد على المسجد في وفاء الوفا ٢ / ٥١٣.
[٦] القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق توفي سنة ١٠٧ ه وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب توفي سنة ١٠٦ ه فقيهان من فقهاء المدينة السبعة ، من سادات التابعين. انظر ترجمة القاسم في : نكت الهميان ٢٣٠ ، صفة الصفوة ٢ / ٤٩ وترجمة سالم في صفوة الصفوة ٢ / ٥٠ وغاية النهاية : ١ / ٣٠١ ، حلية الأولياء ٢ / ١٩٣.