responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 363

ويحيفون [١] على المجاورين بها ، وقلّما ترى منهم من يتبرّم بسكناها على ما خيلت [٢] ، ولا من يسرّ بالانفصال عنها. وما فارقها أحد إلّا وفي نيّته الرّجوع إليها ، وهذا أمر أطبق عليه السّالف ممّن رآها والخالف ، واتّفق عليه المؤالف ممّن شاهدها والمخالف. لا يخلو فكر من تصوّرها ، ولا خاطر من توهّمها ، فهي نصب الأعين وحشو القلوب ، حكمة من الله وتصديقا لدعوة خليل الله [٣]. يحضرها الشّوق إليها وهي غائبة ، ويدنيها وهي نائية. ويهون ما يتكلّف إليها من المشاقّ ، وما يعانى إليها من العناء ، فكم من ضعيف يرى في الطّريق إليها الموت عيانا ، ويبصر فيها الحين مشاهدة ، ويلقى فيها الرّدى مكافحة ، يطوي اللّيالي والأيّام وتطويه ، وتتقاذف به الفلوات والبيد ، يسقط في كلّ مرحلة جزء من قواه ، وينهدّ في كلّ منهلة جانب من جثّته. يقدم على الرّدى وهو يشاهده ويترامى إلى الفناء [٩٢ / آ] وهو يعانيه ببدن عرقه [٤] الجهد وأنضاه النّصب ، وأذواه [٥] سموم [٦] الهواجر وصرّ [٧] البكر ، يباشره الأذى [٨] من غير حائل ، وينافحه من غير جنّة [٩] ، رجله مطّيته ، وأخمصه حذاؤه ، وبشرته دثاره. لا زاد إلّا ما ترشح به الأكفّ ، ولا ماء إلّا ما


[١] الحيف : الجور والظلم.

[٢] في ت : جبلت.

[٣] يشير إلى دعاء ابراهيم 7 إذ قال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) سورة ابراهيم ٣٧.

[٤] عرقه : أنحله. وأكل ما عليه من اللّحم.

[٥] في ت : أرداه.

[٦] السّموم : الريح الحارة.

[٧] الصّرّ : شدة البرد.

[٨] في ت : الردى.

[٩] الجنّة : الوقاية والسترة.

نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست