بأنواع المبيعات ، ولا سيما الطّعام ، وربّما كثر بها حتّى يزيد سعره على سعر الشّام ومصر ، لأنّ الجالب إليها لا بدّ له من البيع لبعد المسافة وعدم [١] المستعتب. وكثير من الحجّاج من يتجهّز منها ولكنّ الأمل ربّما غرّ فضرّ ، وقديما قالوا : «عشّ ولا تغترّ» [٢]. وقد كان كثير من النّاس رجوا رخصها [٣] لرخص الشّام ، فلم يكملوا جهازهم من مصر فلمّا أتيناها بلغت بها ويبة [٤] الدّقيق ستة عشر درهما ، ثم انتهت إلى أكثر وإلى العدم. والويبة [٨٥ / ب] المصريّة ستة عشر قدحا وقدحهم أقلّ من المدّ الحفصيّ ، والصّرف اثنان وعشرون درهما بدينار يوسفيّ ، فكان حساب الويبة قريبا من ثلاثة أرباع الدّينار. فلما صدر الحجّاج كثر الجلب إليها لما رأوا من غلائها ، فلم تزد الويبة على ثلاثة دراهم ، وانتهى إلى أن لم يوجد له مشتر فرجعوا به إلى الشّام.
[وادي القرّ]
والمنهلة من هذا الموضع قريبة على نصف يوم ، رحلنا في وقت الظّهر أو قبله بيسير ، فوردناها في وقت المغرب ، وهي أحساء على البحر غزيرة عذبة مثل الأولى سواء [٥] ، ومن هنالك يدخل في وادي القرّ ، وهو واد متطاول لا ماء به ، وهو متّصل إلى مغارة شعيب ، شديد البرد ، ولذلك سمّي وادي القرّ.