responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 300

الدّلاء [١] ، وطبّا آسيا يشفي بقوله الدّاء العياء ، له تفنّن في فنون العلوم ، وتسلّط عليها بذهن يردّ المجهول إلى المعلوم ، وقلّما يلفى له في سعة المعارف نظير ، أو يوجد من يماثله في صحّة البحث والتّنقير [٢] ، وله في البلاد ذكر شهير ، وصيت مستطير ، وخطر خطير ، يضرب في كلّ فنّ بسهم مصيب ، ويحظى منه بأوفر نصيب ، ولقي جماعة من الأعلام فأخذ عنهم وحصّل ؛ وما زال يؤصّل نفسه في المعارف حتّى تأصّل. فهو الآن قطب مصر وعلمها ، لولا وسوسة تصحبه ، وأخلاق يجلّ عنها منصبه ، لو كانت لها صورة كانت أشنع الصّور ؛ أو تليت له سورة كانت أبدع السّور ، وكان في أوّل أمره مالكيّا على رأى أبيه ، ثم انتقل بعد شافعيّا لصورة تسمج ، وقضيّة عن أحكام المروءة تخرج. وقد ذكر لي عنه بعض من أثق به ممّن له به اختصاص ، كلاما في حقّ الإمام مالك ـ رضي‌الله‌عنه ـ جاريا على سنن أخلاقه ، ودالا على إنهاج [٣] ثوب المروءة وإخلاقه ، ومن جملة ما يصحبه من الوسواس أنّه لا يمسّ منه عضو ولا لباس ، بل يقتصر الوارد عليه على الإشارة بالسّلام إليه ، وحطّ الرّأس على العادة الذّميمة بين يديه. [٤]

وقد حدّثني عنه [بعض][٥] من أثق به أنّه يأتي إلى جابية الماء في شدّة البرد ، فينغمس فيها بثيابه لأقلّ وسوسة تعتريه ، حتّى أثّر ذلك في ضعف قوّته ، ولاح أثره في اختلال صحّته. ورأيته وهو يملي عليّ من حديثه يمسك


[١] أفاد من قول حسان في ديوانه ١٠ :

لساني صارم لا عيب فيه

وبحري لا تكدّره الدلاء

[٢] التنقير : التفتيش.

[٣] نهج الثوب : إذا بلي.

[٤] ذكر التجيبي في مستفاد الرحلة والاغتراب ١٧ أمثلة كثيرة على وسواس ابن دقيق العيد.

[٥] زيادة من ت وط.

نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست