ولمّا استجزته لي ولولدي محمّد ـ هداه الله ـ ووقف على الاستدعاء لذلك قال لي : ألك ولد غيره؟ فقلت : نعم ، ثلاثة. فقال لي : ولم لم تستجز لهم جميعا؟ فقلت : لأنّهم صغار. وهذا الّذي استجزت له قد حفظ القرآن ، فقال لي : أنا أكتب لك ولهم جميعا ، [١] حتّى يكون من يكتب في هذا الاستدعاء بعد خطّي يجيزكم جميعا [٢]. فكتب الإجازة بكلّ ما يحمل ، وكلّ ماله من تأليف وتخريج لي ولجميع الأولاد ـ وفّقهم الله ـ وكنّى أحد المحمّدين الآخرين [٣] أبا عليّ ، والآخر أبا بكر ، وقيّد خطّه بذلك في الاستدعاء. وهو مليح الخطّ. ما رأيت بديار مصر أملح منه خطّا ، وكان يسائلني عن أشياء ويباسطني. ولمّا وردت مصر راجعا من الحجاز ، وكنت مريضا ، أنزلني عنده في المدرسة وكان عنده بها طبيب ماهر يحضر مواعيده ، فأمره أن يتفقّدني بالغداة [٤] والعشيّ [٥] فكان يفعل ذلك ، ولم يقصّر في العلاج حتّى استقللت ، ومنّ الله بالرّاحة له الحمد والشّكر كثيرا.
[لقاؤه لابن دقيق العيد]
وممّن لقيته بها الشّيخ ، الفقيه المحدّث ، الأصوليّ ، المتفنّن ، عالم الدّيار المصريّة ، تقيّ الدّين أبو الفتح محمّد [٧٤ / آ] بن عليّ بن وهب بن مطيع بن أبي الطّاعة القشيريّ [٦] ، ويعرف بابن دقيق العيد ، صاحب المدرسة الكامليّة. لقيت منه حبرا [كاملا عالما][٧] يحقّ له اللّقاء ، وبحرا من علم لا تكدّره