وحسبها شرّا أنها جرين لحثالة [١] العباد ، ووعاء لنفاية البلاد ، ومستقرّ لكلّ من يسعى في الأرض بالفساد ، من أصناف أهل الشّقاق والنّفاق [٢] ، والعناد والإلحاد. استولى الحسد على قلوبهم ، واستوى الغشّ في جيوبهم ؛ فنار الحسد مضطرمة في الجوانح ، وسمّ [٣] الغشّ ممزوج في عسل النّصائح. خرجت عمارتها عن الحدّ المعروف ، وزادت كثيرا على القدر المألوف : [الوافر]
[٦٧ / ب] فهي سوق ينصب بها الشّيطان رايته ، ويجري إليها غايته ، ويري فيها لأتباعه ـ وهم أهلها ـ آيته. أطبقوا [٥] على سوء الأخلاق ، وتوافقوا على رفض الوفاق ، وتراضعوا لبان اللّؤم ، وتحالفوا لا وجد منا افتراق [٦] فجوادهم «أبخل من الحباحب» [٧] وشجاعهم : «أجبن من صافر الجنادب» [٨] وعالمهم : «أجهل من
[١] جرين : تصغير جرن. والحثالة : الرديء من كل شيء ، وحثالة الناس : رذالهم وشرارهم.
[٧] في ت : نار الحباحب ، ويقال أبخل من أبي حباحب ، وهو رجل من العرب كان لا يوقد إلّا نارا صغيرة لئلا يراها ضيف. انظر الدّرّة الفاخرة ١ / ٩٠ ـ جمهرة الأمثال ١ / ٢٤٦ والمستقصى ١ / ١١ واللسان والتاج حبحب.
[٨] هو في الدّره ١ / ١١١ ، أمثال أبي عبيد ٣٧١ ـ الجمهرة ١ / ٢٢٥ ، الميداني ١ / ١٨٤ ، المستقصى ١ / ٤٤ ، تمثال الأمثال ١ / ١٢٠. فصل المقال ٤٩٩ ، اللسان والتاج صفر. وفيها أجبن من صافر. ويقال : إنه لأجبن من صافر. قال أبو عبيد : هو ما صفر من الطير ، ولا يكون الصّفير في سباع الطير إنما يكون في خشاشها وما يصاد منها.