ولا يعلم كيف أقيم عليها ، ولا كيف ثبت [١] هناك مع الرّياح والعواصف ، وهو ممّا لا يمكن تحريكه البتّة فضلا عن إقامته هنالك [٢].
[منار الإسكندريّة]
وأمّا المنار [٣] فقد كتب النّاس فيه وسطّروا ما فيه الكفاية ، وقد دخلته وتأملّته وما وصلت إلى أعلاه إلّا بعد جهد ، ولا يظهر له من خارج فرط علّو. وهو خارج المدينة على أزيد من ثلاثة أميال وعلى تلّ [٤] مرتفع بشمال البلد ، وقد أحاط به البحر شرقا وغربا حتّى تاكل حجره من النّاحيتين ، فدعّم منها ببناء وثيق اتّصل إلى أعلاه وزيد دعما بدكاكين [٥] متّسعة وثيقة ، وضع أساسها في البحر ، ورفعت عنه نحو ثلاث قامات.
وباب المنار مرتفع عن الأرض نحو أربع قامات ، وبني إليه بنيان حتّى حاذاه ، ولم يتّصل به ، ووضعت عليه ألواح يمشى عليها إلى الباب ، فإن أزيلت لم يوصل إليه [٤٩ / ب] وفوق الباب من داخل موضع متّسع لحراسة الباب ، يقعد فيه الحارس وينام فيه ، وفي داخل المنار عدّة بيوت رأيتها مغلقة. وسعة الممرّ فيه ستة أشبار وفي غلظ الحائط عشرة أشبار [٦] ، ذرعته من أعلاه.