المنفضّ بالجميل ، ولا معترض [١] للحاجّ عندهم ، وإن كان فهو قليل ، والشّأن عندهم في التّبايع المعاوضة بالمبيعات [٢] ، والتّبادل في المثمونات ، لا يجري بينهم فيها [٣] دينار ولا درهم ، وباب التّعامل بهما عندهم مبهم. وقد ساوم أحد الحجّاج بعضهم بجمل يعطيه به بكرا [٤] وزيادة دينارين. فقال له : لا أدخل خيمتي ما لم يدخل قطّ خيمة أبي ولا جدّي. وهذا حالهم في العينين يجهلون بهما أثمان الأشياء ، ويستعملون نساءهم في البيع والشّراء ، فلا يتوصّل الحاج إلى شراء القوت إلّا بعرض مبتذل ، وحال ممقوت.
ومن العجب عندهم أنّ كلّ امرأة لا بدّ لها من خرقة تسدلها على وجهها ويسمّونها البرقع ، وهي تتخلّل النّاس مكشوفة الرأس والأطراف ، حافية القدمين ، لا تهتمّ بستر ماسوى وجهها ، كأنّ ليس لها عورة سواه ، فلاتزال تلك الخرقة عرضة [٤٧ / آ] للاتّساخ ، ومرصدا لعارض الأوساخ. لا تصان فتماط [٥] عن ذقن ، ولا تنزع فتماص [٦] من درن [٧] ، حتّى تصير أوسخ من عرض اللّئيم وأقبح من وجه الشّيطان الرّجيم. فتفاجىء العيون من ذلك أشوه [٨] منظر يرى ، وتسمع الآذان من وصفها أقبح حديث جرى.