منهج الإيجاز أن يوضع المضمر [١] موضع الظّاهر ، ثم يجري الخبر على من حدّث عنه ، وهو الوارث ، فيجري الكلام في طريقه ، مع الإيجاز في وضع المضمر موضع الظّاهر ، والسّلامة من تفاوت اللّفظ في الإخبار عن لفظ مفرد بمثنّى ؛ وهذا ـ لعمر الله ـ ممّا لا ينال إلّا بالتّأييد الإلهيّ ، والعصمة الرّبانيّة. ونظير هذا ممّا وضع [٢] فيه اسم موضع غيره إيجازا ، ثم جرى الكلام مجراه في الحديث عمّن هوله ، وإن لم يذكر قوله تعالى (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ)[٣]. فعاد هذا الضّمير والخبر على أهل القرية الّذين أقيمت القرية في الذّكر [٤] مقامهم ، فجرى [٥] الكلام مجراه مع حصول الإيجاز في وضع القرية موضع أهلها ، وفهم المعنى من غير كلفة ، وهذه الغاية في البيان يقصر عن مداها شأو الإنسان وبالله التّوفيق. [٣٥ / آ]
[ذكر القيروان]
ثم وصلنا إلى مدينة القيروان ، فدخلتها مجدّا في البحث غيروان [٦] ، فلم أر إلّا رسوما محتها يد الزّمان ، وآثارا يقال عنها : كان وكان ، والأحياء من أهلها جفاة الطّباع ، مالهم في رقّة الحضارة باع ، ولا في معنى من