والّذي يردّ عليه وهو حال ، ومازدنا [١] إلّا التّكليف [٢] في جعله حالا. والّذي يظهر لي من الجواب في هذا هو أن «شهيدين» لمّا صحّ أن يطلق على المرأتين بمعنى شخصين شهيدين قيّده تعالى بقوله : (مِنْ رِجالِكُمْ)[٣] ، ثم أعاد الضّمير في قوله : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) [٣٤ / ب] على الشّهيدين المطلقين ، وكان عوده عليهما أبلغ ليكون نفي الصّفة عنهما كما كان إثباتها لهما ، فيكون الشّرط موجبا ومنفيّا عن الشّهيدين المطلقين ؛ لأنّ قوله (مِنْ رِجالِكُمْ) كالشّرط ، كأنّه قال : إن كانا رجلين ، وفي النّظم على هذا الأسلوب من الارتباط وتعانق الكلام ، وجريه على نمط واحد ما لا خفاء به ، كما أنّ في ضدّه من الاختلاف والتّزايل [٤] ، والتّدابر والتّخاذل ما يذهب رونق الكلام ، ويبلي جدّة [٥] الفصاحة وبالله التّوفيق.
والّذي يظهر لي أيضا من الجواب في قوله تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ)[٦]. هو أنّ الضّمير [٧] هنا وضع موضع الظّاهر اختصارا [٨] لبيان المعنى ، بدليل أنّه لم يتقدّمه ما يعود عليه لفظا ، فكأنّه قال : فإن كان الوارث اثنتين ، ثم وضع ضمير الاثنتين موضع الوارث الّذي هو جنس لمّا كان المراد به الاثنين ؛ وأيضا فإنّ الإخبار عن الوارث ـ وإن كان جنسا ـ باثنتين فيه تفاوت ما ، لكونه مفرد اللّفظ ؛ فكان الأليق بحسن النّظم والأجرى [٩] على