وهذا ما جعل بعض الباحثين [١] يصف آراءه بالتّطرّف ، لأنّ العبدريّ لم يترك بلدا دون أن يوجّه إليه نقده بصراحة ، لا مداراة فيها ولا مواربة.
ولجأ العبدريّ إلى ذكر الأخبار الّتي استفادها ، والأشعار الّتي كان أنشده إيّاها العلماء. ونقل بعض المعلومات المهمّة الّتي كان يراها تخدم غرضه من الكتب المختلفة لتوضيح ما يذهب إليه ، وإن لم يشاهدها عيانا على الشّرط الذّي اشترطه على نفسه في مقدمة الرّحلة.
ولقي العبدريّ مجموعة من المحدّثين الذّين سمع منهم كثيرا من الأحاديث الشّريفة ، وأثبت بعضها في رحلته ، معتنيا بالسّند العالي عناية كبيرة كما سلف.
أمّا تقسيم الكتاب فلا نكاد نلمح تقسيما واضحا له ، ولكنّنا نجد فيه بعض الفصول الّتي كان كثيرا ما يلجأ إلى عقدها عند ما يريد الوقوف على ظاهرة ، والتّفصيل فيها تفصيلا يبعد قليلا عن غرض الرّحلة ومنهجها ، مستطردا في حديثه عن بلد وما يختصّ به ، أو عن تاريخه ، كما صنع في الحديث عن عجائب مصر ونيلها [٢] ، والحديث عن بناء المسجد الحرام [٣] ، والكعبة وأسمائها [٤].
[١] مثل د. حسين مؤنس الذي نعت العبدريّ بالتطرف والتعقيد ، انظر «تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس ٥٢٠».