النظريّ والضروري
ما نصه : « فإنّ حجية العلم والانكشاف ضرورية فطرية لا نظرية » [١].
نعم الإنصاف أنّ
إلزام القاطع بالعمل بمؤدّى الأمارة المخالفة لقطعه لا يخلو عن صعوبة ، وإنما
قصاراه أن يرى نفسه مخيّرا بينهما لأنه يعلم عدم المؤاخذة ، عمل بهذا أو بذاك إلاّ
أن يجعل لها مدخلية في موضوع الحكم ، وهو محتمل كلام الفصول.
( هل يمكن تعلّق التكليف
بالعمل بالقطع أم لا؟ )
وبعبارة أخرى : هل
يمكن إيجاب الإطاعة أم لا؟ قد يقال بامتناعه لوجوه :
منها : لزوم
التسلسل ، لأن الإطاعة حينئذ يكون موضوعا لإطاعة أخرى ، وتلك أيضا كذلك ، وهكذا
إلى مالا نهاية له.
ويرد عليه : أنّ
استحالة ذلك إن كان لاستلزامه صدور أوامر غير متناهية ، ففيه ان الآمر لا يصدر منه
إلاّ إنشاء أمر واحد بطبيعة الإطاعة ، ولا مانع من انحلال الإنشاء إلى أفراد غير
متناهية ، كقولك : الحمد لله عدد ما في علم الله ، وكقولك في الإخبار : العدد نصف
مجموع حاشيتيه.
وإن كانت
الاستحالة من جهة استحالة امتثال أوامر غير متناهية ، ففيه : أنه ينقطع جميعها
بامتثال واحد أو مخالفة واحدة ، وذلك لانتفاء جميعها بأحد الأمرين من الإطاعة
والعصيان.
ومنها : أنّ
الإطاعة لا معنى لها إلاّ إتيان الفعل بداعي الأمر المتعلّق بموضوعها ، وعلى تقدير
وجوبها يلزم أحد الأمرين من كون الأمر داعيا إلى