أنّ تنجز القطع من
آثاره الذاتيّة ، أو بجعل هذا الوجه عبارة أخرى عنه ، وأيّا كان فما هو إلاّ
مصادرة ، أو دعوى من غير بينة.
فتحصّل من جميع
ذلك : أنه لا مانع من جعل الأمارات في قبال القطع إذا اقتضت المصلحة ، ولا من
التصرف في حجّيته بالردع عن الحاصل عن سبب خاص أو لشخص كذلك ، فينبغي أن يكون
الكلام في حجّية القطع الحاصل عن غير الكتاب والسنة ـ إن كان كلام فيه ـ وفي قطع
القطّاع ، وعدم جواز حكم الحاكم بعلمه ، ونحوها في مقام الإثبات لا الثبوت ، وأن
يطالب بالدليل على ما يدّعيه ، ولا يصعب إقامته في بعض الموارد ، فإنّك إذا عرفت
من غلامك عدم معرفته بجيد المتاع ، وغلبة خطئه على إصابته ، وتسرّعه في قطعه فلا
بدّ لك من جعل قول من تثق به حجّة عليه ، وتخبره بأنك تقبل منه الرديء مكان الجيد
إذا كان مؤدّى قوله من غير أن تمس الواقع بشيء ، أو تغالطه وتقول : لا أريد الجيد
، بل أريد ما قال الثقة : إنه جيد ، ومالك إن تركت العبد على قطعه إلاّ نقض غرضك
وتضييع مالك.
وعلى هذا ينبغي أن
يحمل قول العلاّمة ـ العمّ ـ : يشترط في حجّية القطع عدم منع الشارع عنه. وتمثيله
لذلك بما إذا قال المولى لعبده : لا تعتمد في معرفة أوامري على ما تقطع به من قبل
عقلك أو يؤدّي إليه حدسك ، بل اقتصر على ما يصل إليك منّي بطريق المشافهة
والمراسلة [١] ، وقد عدّه الشيخ من العجب ، وقال : إنّ فساده يظهر مما
سبق من أول المسألة إلى هنا [٢].
وأقول : يحق العجب
له ، ويظهر فساده ممّا ذكره وممّا لم يذكره لو كان صاحب الفصول يرى القطع محتاجا
إلى الجعل أو قابلا للردع في آثاره الذاتيّة ، وحاشاه من ذلك وهو القائل في جواب
دليل المفصّل في حجّية حكم العقل بين