كلمة «الإلزام» أو تبديل «البقاء» بالإبقاء ليتطابق التعريف مع المعرف، بأن يقال: الاستصحاب هو الإبقاء العملي للمتيقن لحكم الشارع ببقائه ظاهراً موضوعاً كان أو حكماً. و أما قياس المقام بباب المفاهيم بإرجاع النزاع إلى صغرى حجية الظواهر ففيه: أنه مع الفارق، لأن إثبات المفهوم للوصف و نحوه مساوق لحجيته، لاندراجه في كبرى حجية الظاهر، حيث ان اللفظ بدلالته الالتزامية يدل على المفهوم و يكون ظاهراً فيه. و هذا بخلاف المقام، إذ لو تم دليل الاعتبار كان مفاده الإلزام الشرعي أو الحكم بالبقاء، و هو بنفسه حكم شرعي كنجاسة الماء المتغير الزائل تغيره بنفسه، لعدم كون استصحابها إثباتاً للحجة كما هو واضح. فالم تحصل: أن تعريف الاستصحاب بما في الرسائل و المتن و الحاشية بل و غيرها من كلمات المتأخرين لا يخلو من شيء، و لو تم ما ادعاه المصنف من كون التعاريف لفظية لا يقصد بها تمييز المعرّف بكنهه و ذاته فالأمر سهل. و حيث إنه ظهر معناه إجمالاً فاعلم: أنه لمّا كان للاستصحاب قواعد مشابهة له - و هي قاعدة اليقين و المقتضي و المانع و الاستصحاب القهقرائي - كان المناسب التعرض لها و لو بنحو الإيجاز، و سيأتي الكلام حول القاعدة الأولى في مفاد بعض الأخبار المستدل به على الاستصحاب، كما سيأتي التعرض لقاعدة الاقتضاء و المنع بعد الفراغ من دلالة أولى صحاح زرارة على الاستصحاب. و لا بأس بالإشارة هنا إلى القاعدة الثالثة و هي التي تسمى بالاستصحاب القهقرائي تارة و بأصالة الثبات في اللغة أخرى و بأصالة عدم النقل ثالثة، و هو من الأصول العقلائية، و ذلك عبارة عن شيء متيقن في الزمان المتأخر و مشكوك في الزمان المتقدم كالعلم يكون لفظ «البينة» مثلاً فعلاً حقيقة في شهادة رجلين عادلين و الشك في كونها كذلك سابقاً، و كلفظ «القلة» فانه يعلم بكونه فعلاً حقيقة فيما دون الكرّ، و يشك في كونه كذلك في الزمان السابق. و هذا عكس الاستصحاب المصطلح، حيث إنه يكون زمان المتيقن فيه متقدماً و زمان المشكوك