أحكام الشرع إلاّ بحسب العمل، فوجوب البقاء على الحالة السابقة حكم شرعي أمره بيد الشارع، و لكن العمل به و امتثاله من الأفعال الاختيارية للمكلف. و أما بالنسبة إلى المتيقن كالوضوء و الحياة و غيرهما، فلأن بقاء المتيقن في الخارج تابع لعلته المبقية، فان كانت هي باقية فهو باقٍ، و إلاّ فلا، فإبقاء المتيقن ليس فعلاً اختيارياً قابلاً لتعلق التكليف به، فإذا كان المتيقن هو الوضوء فبقاؤه منوط بعدم طروء الناقض واقعاً، لا بإبقاء المكلف له. و أما بالنسبة إلى آثار المتيقن كجواز الدخول في الصلاة و غيرها مما يشترط فيه الطهارة، فلما تقدم في آثار المتيقن من عدم كون الأحكام الشرعية تحت قدرة المكلف و اختياره. و بالجملة: فالنقض الحقيقي غير مرادٍ هنا قطعاً سواء أريد باليقين نفسه كما هو ظاهر القضية، أم المتيقن من باب المجاز في الكلمة، أم آثار المتيقن بالإضمار و تقدير «آثاره» بأن يكون قوله عليه السلام: «لا تنقض اليقين» بمنزلة قوله «لا تنقض آثار المتيقن» فيكون هنا مجازان أحدهما في الكلمة، لأنه استعمل اليقين في المتيقن، و الآخر في الحذف و هو تقدير «الآثار» المضاف إلى اليقين الّذي أريد به المتيقن. و إذا ثبت عدم كون النقض حقيقياً على كل تقدير، فلا محالة يراد به النقض من حيث العمل، لأنه مما يمكن تعلق النقض به، إذ مرجع عدم النقض حينئذ إلى عدم رفع اليد عن العمل السابق الواقع على طبق اليقين، فكأنه قيل: «أبق عملَك المطابق لليقين» و هذا المعنى قابل لتعلق الخطاب به، لأنه في حال اليقين بالوضوء كان يصلّي و يطوف و يمس كتابة المصحف مثلاً، و في حال الشك يبقي هذه الأعمال. و لا فرق في إرادة إبقاء العمل من «لا تنقض» بين إرادة المتيقن من «اليقين» و إرادة آثار اليقين، و إرادة آثار المتيقن منه. و قد ظهر من هذا البيان: أن الإبقاء من حيث العمل لا فرق فيه بين تعلق اليقين