لأن حرمته تضر بنفسه، و جوازه يضر بجاره. توضيحه: أنه إذا أراد المالك أن يحفر في داره بئرا أو بالوعة مع كون الحفر مضرا بالجار، ففيه صور: الأولى: أن لا يكون له فيه نفع و لا في تركه ضرر مع كون داعيه إلى التصرف الإضرار بالجار. الثانية: هذه الصورة مع كون الداعي إلى الحفر المزبور مجرد الميل النفسانيّ. و الحكم فيهما - كما ادعي التسالم عليه - هو الحرمة تكليفا و الضمان وضعا. أما الأول، فلحرمة الإضرار بالغير خصوصا الجار، و المفروض عدم ترتب نفع على تصرفه حتى يكون تركه حرجيا كي يرتفع به حرمة الإضرار بالغير، فليس هنا الا عموم السلطنة، و هو محكوم بقاعدة الضرر. و أما الثاني فلقاعدة الإتلاف. الثالثة: أن يكون تصرفه بداعي المنفعة، و تركه مفوّتا للمنفعة. الرابعة: أن يكون داعي التصرف التحرز عن الضرر، كما إذا تضرر بترك التصرف. و الحكم في الصورة الثالثة عند المشهور هو الجواز، و استدل له بعموم قاعدة «الناس مسلطون على أنفسهم» بعد سقوط قاعدة ضرر الجار بمعارضتها مع قاعدة حرج المالك، بل و ضرره. و أما تقديم قاعدة نفي حرج المالك حكومة على قاعدة نفي ضرر الجار كما في رسائل الشيخ الأعظم (قده) حيث ان منعه عن التصرف في ملكه و حرمته حرج عليه، ففيه: مضافا إلى أنه ليس مطلقا كذلك، إذ ليس منع المالك عن التصرف مطلقا حتى في صورة عدم الحاجة إليه حرجا و مشقة عليه حتى يشمله قاعدة نفي الحرج - أنه لا وجه للحكومة بعد وضوح كون الحرج و الضرر في رتبة واحدة حاكمين على أدلة الأحكام الأولية، و لا معنى لحكومة إحدى القاعدتين على الأخرى مع وحدة